تطوير الذات بالقرآن الكريم (23) – حب الذات: الشجاعة

وقت القراءة: 13 دقيقة

بعد قراءتك هذا الدرس ستتعلم:

1/ لماذا لا نشعر بالحب لأنفسنا؟

2/ ما معنى حب الذات وكيف يؤثر على حياتنا؟

3/ ما علاقة حب الذات بالصورة التي نرى بها أنفسنا؟

4/ ما علاقة حب الذات بالسلام الداخلي؟

5/ كيف تؤثر الطريقة التي يعاملنا بها آباؤنا في حبنا لأنفسنا؟

6/ ما الفرق بين أفكارك الخاصة والأفكار التي زرعها المجتمع بداخلك؟

7/ لماذا يتبنى كثير من الناس تلك الأفكار والمعتقدات الخاطئة؟ 

8/ ما الخطأ الجسيم الذي يرتكبه معظم الناس في سبيل التكيف مع المجتمع؟

9/ لماذا نفضل كبت مشاعرنا على البوح بها في كثير من الأحيان وما خطورة هذا؟

10/ ما هي أفضل طريقة صحية للتعبير عن مشاعرنا ومخاوفنا؟

11/ ما هي الأفعال العملية لحب الذات؟

12/ لماذا الشجاعة هي السمة الأساسية لحب الذات؟

13/ ما هي الأفعال العملية كي تكون شجاعا؟

بسم الله نبدأ…

من أكثر الأسئلة ترددا في النفوس وشغلا للعقول هو كيف أحب نفسي؟ ما معنى حب النفس بالتحديد؟ هل هو الأنانية أم شيء آخر؟ هل من الضروري أن أحب نفسي؟ 

كثير من الناس يشعرون حقا أنهم لا يحبون أنفسهم ولا يشعرون براحة كبيرة إذا تُرِكوا بمفردهم لأنهم لا يطيقون الوحدة ويفضلون أي صحبة حتى لو كانت سيئة او افتراضية عبر الإنترنت على صحبة أنفسهم 

لا يعرفون كيف يستمتعون بأي شيء خاص بهم ولا يشعرون بأهمية تخصيص وقت يومي او حتى أسبوعي لأنفسهم فقط, و دائما يبحثون عن شيء يشغلهم يهدرون فيه طاقتهم الزائدة ليكون مهربا من مواجهة أنفسهم 

لكل منا طريقته الخاصة للهروب من نفسه, هناك من ينخرطون في نشاطات وهمية لا تعود عليهم بأي فائدة سوى تضييع مزيدا من الوقت, و من يلجأون للمواد المخدرة والكحوليات, او من يعيشون حياتهم بأكملها داخل عالم التواصل الافتراضي الذي لا يمت للواقع بصلة, تعددت الأساليب لكن النتيجة واحدة وهي انفصال الانسان عن ذاته حتى أصبح لا يعرفها و صار غريبا عنها 

ومع الوقت نشعر اننا فعلا لا نعرف من نحن او ما هي هويتنا لأننا لم نهتم بمعرفة نفوسنا مثلما نهتم بمعرفة من حولنا, لم نبذل مجهود نستحق به أن نشعر بالحب تجاه أنفسنا

حب الذات شيء فطري, وليس معناه الأنانية مطلقا, كلنا نريد الصالح والخير لأنفسنا لكن يختلف كل منا في تحديد معنى هذا الصالح وهذا الخير, كل منا يرى صالحه من خلال الصورة التي يرى بها نفسه 

من يرى نفسه ضعيفا سيظن أن صالحه في هزيمة الآخرين وإذلالهم, لأنه يشعر بالتهديد والخطر طوال الوقت ويريد أن يشعر بالأمان والسبيل الوحيد لهذا هو أن ينتصر على كل من حوله لذلك تكون حياته عبارة عن صراعات ومناوشات ومنافسات شريفة وغير شريفة, هذا النوع الذي يفعل أي شيء كي ينتصر حتى لو كان هذا الشيء غير أخلاقي أو محرم, من يرى نفسه ضعيفا هو في الحقيقة يكره نفسه ويكره الآخرين, هذا هو الشخص الأناني

لكن من يرى نفسه قويا يعرف أن الحياة تتسع لكل البشر, ويعلم جيدا أن نجاحه ليس معناه هزيمة شخص آخر, وأن غناه لا يعنى فقر شخص آخر, وأن سعادته ليست معناها شقاء شخص آخر, نجاح الآخرين لا يشعره بالتهديد او الخطر, لذلك يعيش حياته في تناغم واطمئنان ويفعل كل ما في وسعه كي يطور من ذاته ويجعل العالم مكانا أفضل, من يرى نفسه قويا يحب نفسه ويحب الآخرين ويريد مصلحتهم كما يريد مصلحته تماما, هذا شخص يحب ذاته حقا 

من يرى نفسه وضيعا سيرضى بأقل الأشياء وأحقرها بل وحتى يقاتل من أجلها لذلك تجده يكره من يعامله باحترام او يعطيه قدرا أعلى من قدره

لكن من يرى نفسه كريما لن يرضى إلا بأفضل الأشياء وأطهرها ويتعفف عن المطالبة بشيء ليس من حقه او ليس من قيمته, هذا الانسان يحب ويستجيب للمعاملة الكريمة وتجده يقابل الإحسان بالإحسان, بل وحتى يقابل الإساءة بالإحسان 

الأمثلة على اختلاف الصورة التي نرى بها أنفسنا عديدة, لكن الأساس واحد وهو اننا جميعا نحب أنفسنا ونريد لها الخير والصالح لكن هناك من تكون نظرتهم لأنفسهم صحيحة فتستقيم حياتهم, وهناك من تكون نظرتهم لأنفسهم خاطئة ومشوشة لذلك حياتهم عبارة عن صراع دائم مع أنفسهم ومع الناس 

لذلك حب الذات هو حجر الأساس كي تصل لشعور السلام والسكينة في الدنيا, دون أن تحب ذاتك بصورة صحية و ترى نفسك بصورة صحيحة ستكون حياتك كلها عبارة عن صراع وحرب مع نفسك ومع كل المحيطين بك 

حب الذات له علاقة وثيقة بالطريقة التي عاملنا بها آباؤنا في مراحل حياتنا الأولى كما ذكرنا في درس سابق, لكن مع التقدم في السن لابد أن نمتلك الوعي الكافي لتنقية عقولنا من ترسبات الطفولة والمراهقة وذلك يتم بمواجهة النفس 

واجه نفسك أولا بأخطائك وعيوبك, لا تلقي أبدا المسؤولية على غيرك مهما فعل, امتلك نفسك وكن سيد قرارك, وابدأ بتوجيه النقد إلى نفسك, ما الأفكار والأفعال التي تربيت عليها وتعلم الآن أنها خاطئة تماما وتضرك أكثر مما تفيدك؟ 

هل هي حقا أفكارك الخاصة أم تم زرعها داخلك بواسطة عائلتك ومجتمعك؟ إذا كانت أفكارك فمن حقك الاحتفاظ بها لكن إن كانت نتيجة تأثير الآخرين عليك فينبغي عليك التخلص منها فورا لأنها تسبب ضررا جسيما على الصورة التي ترى بها نفسك وتفسد عليك حياتك 

هل عاملك شخص ما أو عدة أشخاص من قبل على أساس أنك غير كافي او غير مؤهل فجعلك هذا تعتقد ان تلك هي حقيقتك؟ وأصبحت تلك هي الصورة التي ترى بها نفسك؟

هل دخلت في علاقة عاطفية وكنت مخلصا فتعرضت لخيانة قاسية ثم اعتقدت انك لا تستحق الحب وأنه لا يوجد أصلا ما يسمى بالحب؟

هل كنت طالبا مجتهدا ذو مستقبل واعد لكن عند أول عدم توفيق بدأ أهلك في لومك واشعارك بالفشل وأن صديقك أو قريبك الفلاني أفضل منك فصارت تلك هي حقيقتك وفقدت الدافع للمذاكرة؟ 

هل تعلق قلبك بحب هواية او رياضة معينة ثم وجدت سخرية كبيرة من أقرانك فتوقفت فورا عن ممارستها خوفا أن تستمر تلك السخرية السخيفة؟

هل كنت تمتلك حلما كبيرا منذ الطفولة وحتى الشباب وكنت تسعى جاهدا لتحقيقه لكن بعد انخراطك في سوق العمل وتعرضك للعديد من الضغوطات والرفض بدأت تشعر أن الأحلام للأغبياء ثم نسيت حلمك تماما؟ 

هل كنت موظفا مثاليا في شركتك ثم وجدت تعبك ومجهودك يضيع سدى أو يذهب لمن لا يستحقه ثم فقدت الدافع لمواصلة عملك الجاد وظننت أن العمل الجاد لا يعود عليك بشيء؟ 

هل كنت تمتلك الشجاعة لمشاركة أفكارك مع الناس عبر وسائل التواصل الاجتماعي لكنك فوجئت بنقد لاذع وتعليقات سلبية جارحة فقررت التوقف تماما لأنك فقدت الثقة في نفسك وفي جودة محتواك؟

كل هذه الأمثلة والعديد غيرها تثبت أن ردود الأفعال التي نقابلها تؤثر على نظرتنا لأنفسنا وتساهم في تلويث الصورة الصحيحة التي يجب أن نرى بها ذواتنا, لذلك وجب علينا ترك تلك المعتقدات والأفكار التي ورثناها أو تم زرعها داخل عقولنا خاصة أن تلك الأفكار تضرنا أكثر مما تنفعنا

هذه الأفكار والمعتقدات لا تمثل حقيقتنا على الإطلاق, هي فقط تمثل الطريقة التي نظن اننا نستطيع من خلالها التأقلم مع المجتمع الذي نعيش فيه 

خوفنا من عدم التقبل هو الكابوس الأعظم, نشعر بالرعب الشديد من عدم الترحيب بنا داخل المجتمع, هذا الخوف هو من يقود كل تصرفاتنا مع كل المحيطين بنا, نريد التأكد أن الآخرين يتقبلون وجودنا بينهم, لذلك نقع في الخطأ الجسيم الذي يعتبر خيانة عظمى للنفس, وهو محاولة أن نكون شخصا آخر كي يعجب بنا الآخرون 

نقول ما نظن ان الناس يحبون سماعه, نرتدي الملابس التي تجملنا في عيون الآخرين, نذهب للجامعة الفلانية لأن الناس يظنون أن من يدرسون في هذه الجامعة أذكياء وناجحين, نحاول إظهار قدراتنا الخاصة أمام الناس كي يظنوا اننا متميزين, ندخل في علاقة زواج مع شخص لا نحبه ولا نشترك معه في أي شيء لمجرد أن سن الزواج قد حان أو لأننا لا نطيق الشعور بالوحدة ونخشى كلام الناس

اهتمامنا المبالغ فيه بنظرة الناس قد يدفعنا أيضا لإخفاء مواطن تميزنا خوفا من الحقد والحسد او أن يبتعدوا عنا عندما يروا أننا أفضل منهم 

وكما تحدثنا في درس سابق, نحن لا نخاف من الفشل في حد ذاته لأنه شيء إيجابي يمكن أن نتعلم منه ونبني عليه, لكن خوفنا الأعظم من نظرة الناس واتهامهم لنا بالفشل لذلك نتوقف عن السعي ومحاولة تحقيق أحلامنا

أكبر تنازل يمكن أن تقوم به هو أن تضحي بحلمك في سبيل إسعاد الآخرين والتكيف مع المجتمع, لذلك لا تتعجب كثيرا إذا شعرت بتعاسة بالغة عندما تتخلى عن أحلامك وأهدافك

هنا لابد أن تفهم شيئا مهما للغاية, وهو أن الرغبة في أن نكون محبوبين ونشعر بالاحتواء من شخص يتقبلنا كما نحن أو أن ننتمي لجماعة أكبر تشعرنا بالأمان والحماية هي رغبة طبيعية واحتياج فطري تماما وليس ضعفا أبدا

ولأن الاحتياج الفطري لهذه المشاعر كبير جدا, فقد يخطئ البعض بأن يُخفي حقيقته ويكبت مشاعره وينكر أفكاره الخاصة خوفا من فقدان هذا التقبل الاجتماعي 

لذا يكون هذا الشخص في صراع دائم مع نفسه وفي حالة مستمرة من خداع النفس, هو حائر تماما بين ما يحبه حقا وبين ما يمليه عليه المجتمع المحيط, وقد يتطور هذا الصراع الداخلي لشكل من أشكال العنف الخارجي او إيذاء النفس كالإدمان, التنمر الاكتئاب وغيرها 

نحن نخاف من فقدان التقبل ونهتم بنظرة الناس للدرجة التي تمنعنا من البوح بمشاعرنا خوفا أن يرانا الناس ضعفاء او غير مؤهلين, فنختار إما الصمت والانعزال او محاولة التأقلم والتعايش مع هذا الكبت 

لكن سواء اخترنا الصمت أو التأقلم, فهذا ليس حلا أبدا, وإنما هو سبب أساسي في زيادة شعورنا بالكبت بل قد يتطور لشعور قاسي بالخزي والعار بمرور الوقت

انت لست وحدك, كل الناس يعانون بصورة أو بأخرى من كبت المشاعر ولا يمتلكون الشجاعة الكافية للبوح بما يعتمل في صدورهم خوفا من فقدان وهم التقبل او التفوق الاجتماعي, لكن هناك بعض الناس يسيطر عليهم هذا الكبت بدرجة أكبر من غيرهم ويسبب لهم مشاعر عميقة من الأذى النفسي

إن كنت من هؤلاء الناس الذين اعتادوا على كبت مشاعرهم لابد أن تبدأ في تغيير أسلوبك في التعامل مع نفسك لأن استمرارك في عدم التعبير عن مشاعرك والاعتراف بوجودها يسلبك كل متع الحياة ويفسد عليك أي محاولة حقيقية لتطوير ذاتك وتحسين حياتك

في كثير من الأحيان انت لا تريد كبت مشاعرك لكنك ببساطة لا تعلم كيف, اعلم أن أفضل طريقة للتعبير عن مشاعرك بأسلوب صحي هو أن تبوح بكل ما في قلبك لشخص تثق به وتعلم جيدا أنه يريد مصلحتك, عندما تتكلم عن مشاعرك و تصرح بها لشخص يحبك سوف تفقد تلك المشاعر السيطرة عليك فورا 

امتلك مشاعرك بدلا أن تمتلكك هي, افهم نفسك وكن لطيفا معها كما تكون لطيفا مع طفل صغير, تحدث عن كل ما تشعر به ستجد انك صرت أكثر تصالحا مع نفسك وأن حالة الصراع الداخلي قد انتهت تماما و تم استبدالها بحالة جميلة من السلام والهدوء النفسي

أثناء حياتك اليومية يمكن أن يحدث لك شيء يضايقك, في كثير من الأحيان يكون ذا الشي صغير ولا يستحق الاهتمام, لكن تحدث أشياء يكون من الصعب تجاهلها او محاولة التظاهر اننا بخير, لذلك عليك باختيار شخص مناسب وتتكلم معه عما حدث وتخبره بكل مشاعرك سترى أن هذه الشعور فقد تأثيره تماما

لا تخفي هذا الشيء أبدا لأن اخفاؤه وعدم البوح به سيزيد من حجم الضيق والقلق, فقط تشجع قليلا و اعط لنفسك مساحة من التعبير الحر وستجد نتائج مذهلة بإذن الله

انت لا تحتاج ان تشارك مشاعرك ومخاوفك مع كل الناس, انت فقط تحتاج لشخص واحد يسمعك ويتعاطف مع وجهة نظرك, ابحث عن هذا الشخص وفي معظم الأحيان سيكون هذا الشخص موجودا في حياتك أصلا 

لكن احذر أن يتحول حديثك عن مشاعرك لنوع من الشكوى والتذمر, وأن تبوح بكل شيء صغير لا يعجبك, انت لا تريد أن تكون شكَّائا بهذه الطريقة المٌنَفِّرة, دع التحدث عن مشاعرك يكون عن الأشياء الكبيرة والمهمة التي تجد صعوبة في معالجتها بمفردك, اكتسب عادة تجاهل الأشياء التافهة او الثانوية التي لا تهمك على المدى البعيد وستجد راحة عظيمة

أيضا إذا كان من الصعب عليك إيجاد شخص تثق به لمشاركة أسرارك, أو إن كنت لا تستطيع الثقة في الآخرين بسهولة لسبب أو لآخر, ابدأ في البوح بمشاعرك لنفسك, تحدث مع نفسك بصوت عالي وحلل مشاعرك ومخاوفك, او يمكنك التعبير عن أحاسيسك بكتابتها على الورق في مذكراتك الخاصة, لكن احذر أن يسمعك أحد او أن تقع مذكراتك في يد من لا يستحق

الاعتراف بما نشعر به وبما نخاف منه شيء أساسي للغاية في حبنا لذواتنا, لذلك عليك بذل قليلا من الجهد في محاولة تحديد مشاعرك ومخاوفك, افهم نفسك أكثر

كثير من الناس لا يملكون شجاعة الاعتراف بمشاعرهم, تراهم يفعلون عديدا من الأشياء لمحاولة التستر على حقيقة ما يعتمل في صدورهم, مثال على هذا الأكل بشراهة دون جوع, او شراء أشياء غير ضرورية, العنف والغضب لأتفه الأسباب, الكسل وعدم الرغبة في الخروج من المنزل, الاستخدام المبالغ فيه لوسائل التواصل الاجتماعي والعيش بالكامل داخل الواقع الافتراضي, الدخول في علاقات عاطفية دون حب بسبب الخوف من الوحدة, فقدان الرغبة في مواصلة العمل الجاد لتحقيق الأهداف, الحقد على المجتمع, الميل للعزلة والتكتم 

لذلك السبب تحديدا, كان أقوى الناس هو أقدرهم على مواجهة نفسه والاعتراف بمشاعره, لأن هذا ليس سهلا على الإطلاق ويحتاج شجاعة بالغة لا تتوفر إلا لقليل من الناس 

لكن الخبر الجيد هنا, هو انك عندما تمتلك تلك الشجاعة وتواجه نفسك حقا, وتعترف لنفسك بما تشعر وبما تخاف منه, ستكون في حالة عظيمة من التصالح مع النفس و سيكافئك الله بخير كثير وبركة عظيمة من حيث لا تحتسب بفضل الله

من يحب ذاته حقا لا ينكر مشاعره ولا يتجاهل حق نفسه في أن يكون, لأن حب الذات الحقيقي هو أفعال بالدرجة الأولى, عندما تكون لطيفا مع نفسك, تسمع مخاوفها و تطمئنها, عندما تُعلي من قيمة نفسك وتقدرها وتبعدها عن كل ما يضرها ولا تتهاون أبدا مع كل من لا يعرف قيمتها, وتقربها أكثر من كل ما يقويها ويطورها, عندئذ فقط تكون في حالة حب لذاتك 

احترام ذاتك معناه انك لا تتردد في التحدث عن المشاكل التي تؤرقك, لا تخاف من مشاركة همومك مع من يهمهم الأمر, لا تجد أي حرج في تعرضك لتجربة فاشلة, بدلا من أن تتظاهر دائما أنك بخير وأن حياتك كاملة

حب الذات أن تكون واقعيا وأن يكون عندك استعداد للعمل الجاد وبذل مجهود حقيقي لتخطي آلامك, لن تتغير أبدا إذا لم تمتلك الشجاعة لتسير على الأشواك التي وضعتها لنفسك, لن تتقدم في حياتك ولن تنمو أبدا إذا لم تتشجع وتذهب لأكثر الأماكن ظلاما داخل عقلك, الأمور لا تسير بهذه الطريقة, إن كنت فعلا تريد حياة سعيدة ومريحة وشعورا جميلا بالسلام, لابد أن تعالج الأشياء التي تقف في طريقك

الشجاعة هي السمة الأساسية لحب الذات, لا يمكنك أن تحب ذاتك حقا دون أن تكون شجاعا, لذلك إذا أردت رفع درجة حبك لذاتك وتقديرك لنفسك ابدأ أولا باكتساب صفة الشجاعة 

الشجاعة لكي تؤمن حقا أنك كافي, سواء أنجزت أم لم تنجز, نجحت أم فشلت, انتصرت أم هُزمت, إذا أردت شيئا بشدة, اقنع نفسك أنه غير مهم لهذه الدرجة لأنك تعلم أنه سواء حصلت على هذا الشيء أم لم تحصل عليه فأنت كافي ولا تحتاج إليه كي تصبح سعيدا وراضيا عن نفسك

الشجاعة ألا تتردد أبدا في البوح بمشاعرك والتحدث عنها لمن تثق به, ولا تتردد في طلب المساعدة إذا فاق شيء قدرتك, و ألا تتردد أيضا في مساعدة غيرك إذا كان هذا في استطاعتك

الشجاعة الحقيقية أن تدرك أنه لا سلطة لك إلا على نفسك فقط, وإذا صادفك شيء في حياتك لا ترضى عنه اعلم قم بتغيير ما بنفسك ولا تهتم بتغيير الآخرين

الشجاعة أن تعني ما تقول وأن تفعل ما تقول تلتزم به وإلا لا تقوله على الإطلاق

الشجاعة أن تواجه نفسك بعيوبها ومع ذلك لا تتوقف عن حبها وتقبلها

الشجاعة ان تعترف بخطئك ولا تفكر أنك شخص سيء لمجرد ارتكابك لخطأ ما, بل تتعلم منه وتحاول إصلاحه ما استطعت ولا تقع فريسة لجلد الذات ولوم النفس

الشجاعة ان تحتفظ بالطفل الذي بداخلك وتأخذ الأمور ببساطة وسعة صدر وإيجابية لأنك تعلم أنك أكبر من كل هذا 

الشجاعة ألا تستسلم أبدا وتظل تحاول وتأخذ بكل الأسباب لأنك لا تعتمد على الأسباب ولكنك تعتمد على رب الأسباب, وما الأسباب إلا صور لكن المنعم الحقيقي هو الله عز وجل 

الشجاعة أن تضع حدودا للتعامل مع كل من حولك وأن تمتلك القدرة على محاسبة من يتعدى تلك الحدود, هنا فقط ستقدر أن تسامح عن طيب خاطر لأنك تسامح عن قوة ومقدرة وليس عن ضعف وعجز, كثير من الناس لا يقدرون على مسامحة غيرهم لأنهم يخافون أن يظهروا ضعفاء أمام أنفسهم أو أمام الناس

إذا لم تضع تلك الحدود ستشعر دائما انك مظلوم وغير مهم ولا يشعر بك أحد, ستشعر أن الناس دائما يستغلون طيبتك ويظنون أنك ضعيف, كل هذه الأفكار ستسبب لك غضبا داخليا وحقدا على كل المحيطين بك, وفي حقيقة الأمر انت تشعر بالغضب والحقد على نفسك لأنك لم تبذل أي مجهود كي تحب نفسك

لابد أن يرى ويعرف الناس أنه توجد عواقب وخيمة إذا تهاونوا في حقك, و أنك بالمقابل تحترم حقوق غيرك, إياك أن تظن أن وضعك لتلك الحدود سوف يجعل الناس ينفرون منك, على العكس تماما سيجعلهم هذا يحترمونك ويحبونك أكثر.

👈للاشتراك في دروس تطوير الذات بالقرآن الكريم 👉

👈الاشتراك في قناة د. إبراهيم عبد الواحد👉

برجاء تقييمك للمقالة في قسم التعليقات👇

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *