تطوير الذات بالقرآن الكريم (8) – لا تكن مثل هؤلاء الناس

بعد قراءتك لهذا الدرس ستتعلم:

1/ لماذا تفشل أغلب طرق تغيير النفس التقليدية؟

2/ لماذا تغيير نفسك بالقرآن بالتحديد سيأتي بنتائج مذهلة؟

3/ لماذا لا يحصل معظم الناس على نتائج مرغوبة اثناء تطوير ذواتهم؟

4/ ما هي المسارات العقلية و ما أهميتها القصوى في تشكيل العادات؟

5/ كيف يمكنك خلق مسارات عقلية جديدة بعادات جديدة؟

6/ ماذا يجب ان تفعل بالنسبة للمسارات القديمة؟

بسم الله نبدأ….

لكي أغير ما بنفسي بفضل الله -ومازلت أحاول- قمت بتجربة العديد من الطرق التي قرأتها او سمعت عنها قبل بدئي حفظ القرآن الكريم, لكن بائت أغلب هذه المحاولات بالفشل, حتى الناجح منها لم يستمر تأثيره طويلا ووجدت نفسي أرجع إلى نقطة البداية مرة اخرى 

الآن أعلم لماذا كان هذا الفشل المتكرر هو عين الخير لأن دونه ما كنت سأهتدي لحفظ القرآن ولا لتطوير ذاتي وتحسين حياتي بالقرآن 

اثناء وقفة مع النفس وتحليل الأسباب التي أدت لهذا الفشل, رأيت ان السبب الرئيسي هو ان تلك الطرق التقليدية لم تأتي من داخلي, لم أشعر ولم اقتنع بها, لكن فقط فعلتها لأن أحد المدربين المعروفين أخبرني عنها او لأني قرأتها في أحد كتب تطوير الذات الأكثر مبيعا

فعلت كل شيء (كما قالوه) لي ان افعل, لكن لم أجد أي تغيير واقعي وملموس في حياتي او في الطريقة التي أشعر بها 

و بعد كل فشل كنت اظن ان حتما العيب في أنا لأني لم اتبع الخطوات المرسومة التي قرأتها في هذا الكتاب او سمعتها في تلك المحاضرة

هذا الظن الخاطئ كان يسبب لي إحساس عميق بالذنب, فأذهب مسرعا لقراءة كتاب جديد او مشاهدة فيديو تطوير ذات جديد و أعد نفسي ان هذه المرة سأفعل كما يقولوه لي تماما, لعل وعسى تكون تلك هي المحاولة الناجحة لتغيير ما بنفسي و تحسين حياتي

أنا متأكد أن كثيرا ممن يقرأون هذه السطور الآن قد مروا بتجارب مشابهة لتجربتي 

لذلك, أيقنت ان سبب هذا الفشل اني كنت استمع لخبرات وتجارب ناس آخرين, كنت أسير على الطرق التي رسموها, و اتبع الخطوات التي وضعوها

 لم استمع أبدا لصوتي الداخلي الذي يعرف الصالح لي, و لم أستعمل إرادتي الحرة في التغيير و أرسم الطريق الخاص بي لأني كنت فاقد الثقة في قدرتي على سير الطريق وحدي 

دائما كنت أشعر اني في حاجة من يرشدني و يوجهني وكنت اعطي هؤلاء المرشدين السلطة للتحكم في عقلي واختياراتي والطريقة التي افكر بها 

تذكر ان حياتك هي مسؤوليتك وحدك, يمكنك طبعا ان تستفيد من خبرات وتجارب الآخرين, لكن لا تتعامل مع تلك التجارب كأنها نصوص مقدسة تأثم ان لم تتبعها حرفيا, ولا تصدق من يحاول ان يقنعك أنها كذلك لأنها حتما ليست كذلك

تعامل مع تجارب وخبرات الآخرين على أساس أنها اقتراحات او نصائح, لكن لا تتسرع و تجعلها جزءا من شخصيتك إلا إذا شعرت أنها مناسبة لك, وعندما تشعر بهذا قم بوضعها في التجربة العملية لترى النتيجة, ثم احكم على صحتها إذا كانت مناسبة لك ام لا

لا يكفي فقط ان تقرأ وتسمع ثم تنفذ دون وعي, لكن أيضا يجب ان تقرأ و تسمع لكي تفهم و تأتي بفكرة جديدة مناسبة لك

يجب ان تكون لك بصمة تعبر عن شخصيتك المتفردة

هذه النقطة بالتحديد هي جزء من عظمة القرآن الكريم, لأن اثناء قراءتك و حفظك للقرآن وتدبر الآيات, ستجد ان عقلك ينتج افكارا جديدة, ستشعر ان ذهنك بدأ يتفتح بمعاني لم تخطر على بالك من قبل

الفرق الجوهري هنا ان هذه الأفكار والمعاني مناسبة تماما لك لأنك انت من أتيت بها, وعندما تبدأ في تطبيق تلك المعاني في حياتك العملية حتما ستحصل على نتائج أفضل

للأسف أغلب الناس لا يريدون ان يأخذوا وقتهم في التفكير او يبذلوا أي مجهود في التدبر, لكن يريدون المعلومات بصورة جاهزة, و هؤلاء مستحيل ان يصلوا لأي نتائج حقيقية, و سيظلون في تلك الدائرة المغلقة للأبد إلى اليوم الذي يقررون فيه البدء بتحمل مسؤولية حياتهم

لا تكن مثل هؤلاء, وإن كنت منهم يجب ان تتوقف عن فعل هذا الآن, المعلومات الحقيقية والفعالة لن تأتيك من تجارب الآخرين ولكن من تجربتك انت

النجاح والتغيير هو ثمرة تعبك واجتهادك

النجاح والتغيير نتيجة حتمية للتجربة والخطأ, ثم التعلم من خطئك و التجربة مرة أخرى وهكذا

النجاح والتغيير حتما لن يأتي لأنك قرأت كتاب Best Seller, او حضرت تدريب للمدرب فلان, هذه الأشياء كما قلنا فقط اقتراحات او نصائح لكن الطريق الحقيقي يجب ان يكون من ابداعك انت, قرارك انت 

قراري ان أحفظ القرآن الكريم كان السبب في ادراكي لتلك الحقيقة, لأن اثناء الحفظ والتكرار وجدت نفسي أتدبر و افهم أشياء لم أكن لأفهمها من قبل, شعرت لأول مرة ان التغيير يبدأ من داخلي, و أن إرادة الفعل أصبحت تُخلق داخلي ليس لأني قرأت كتاب او شاهدت محاضرة 

و لأن الفعل بدأ داخلي أصبح سهلا على تطبيقه, و أتى بنتائج مذهلة بفضل الله

و الحمد لله بعد فترة من حفظي لما تيسر من القرآن كما أسلفت, وبعد اجتهاد شخصي اهتديت لطريقة سهلة وفعالة جدا لتغيير ما بنفسي, و لاختيار كل شيء أريده في حياتي

سأشارك هذه الطريقة بالتفصيل معك بإذن الله, لكن أولا دعني أخبرك كيف اهتديت إليها, دعني أخبرك عن المسارات العقلية

كل مرة تفعل فيها شيء ما, فأنت تخلق له مسار او طريق داخل عقلك, و كلما كررت هذا الفعل بنفس الطريقة, زاد هذا الطريق اتساعا وعمقا داخل عقلك و بعد فترة من الزمن يصبح هذا المسار جزءا أساسيا من شخصيتك و من سلوكك 

وبمرور الوقت تنشط او حتى تتكون خلايا عصبية جديدة داخل عقلك مهمتها ربط تلك المسارات المختلفة ببعضها لتشكيل عادات, تلك العادات نفعلها بصورة مستمرة وتلقائية وهي المسؤولة عن النتائج التي نحصل عليها 

أي لكي تحصل على نتيجة مختلفة, لابد ان تغير العادات التي تقودك الى النتائج السابقة و تخلق عادات جديدة تقودك لنتائج جديدة

ليس كافيا أبدا ان تغير افكارك او نواياك او مشاعرك كما أسلفنا, لكن تغيير العادات هو الأساس, لأن الفعل والعادة هما المسؤولان عن النتائج في الحياة الواقعية

ولأن العادات هي نتاج ذلك كله, نتاج نواياك, أفكارك, مشاعرك, والطريقة التي تفكر بها, فإذا بدأت في خلق عادات جديدة و ثابرت عليها سيتغير كل ما سبق بالتبعية

الفعل المتكرر هو الوسيلة الوحيدة لخلق تلك المسارات, و الفعل المتكرر أيضا هو الوسيلة الوحيدة لغلق او استبدال تلك المسارات, لذا فإن الفعل المتكرر و المنظم هو السبيل الوحيد لخلق عادات جديدة و بالتالي الحصول على نتائج جديدة

لقد قمت بخلق آلاف المسارات داخل عقلك على مر الزمن, حتى أصبحت حياتك وشخصيتك كما هي الآن, نتيجة لفعلك نفس العادات باستمرار 

لذا لكي تنجح حقا في تغيير ما بنفسك, ابدأ بزرع عادات بسيطة تأتيك بنتائج مرغوبة, وقم بتكرار تلك العادات على مر الزمن, ستجد انك تغيرت تماما حتى دون أن تشعر

ابدأ بخلق مسارات جديدة داخل عقلك, وحدد هدفك من تلك المسارات قبل خلقها, ثم ابدأ في الفعل و ثابر عليه, مع مرور الزمن سوف تتسع تلك المسارات الجديدة و تزداد عمقا و أصالة داخل عقلك و تنتج عادات تلقائية جديدة

و الطريقة التي اهتديت إليها ستساعدك حتما على خلق تلك المسارات الجديدة المرغوبة, و غلق او استبدال المسارات القديمة, لذا أنصحك بها بشدة

لا تقلق نفسك ولا تهتم كثيرا بالمسارات القديمة, لأنك إذا بدأت في خلق مسارات جديدة و قمت بالتركيز عليها, ستختفي المسارات القديمة من تلقاء نفسها, إذ أن تلك المسارات تأخذ قوتها فقط من اهتمامك بها و تركيزك عليها 

لا تشعر بالامتعاض او الرفض لعاداتك القديمة لأنها من اختيارك, لا أقول لك أن تحب تلك العادات, لكن فقط تقبل وجودها في حياتك لأنك انت من صنعها و غذاها على مر السنين, ولا ينبغي عليك ان تلوم نفسك اوتجلد ذاتك أيضا, فقط اعترف بخطأك, تعلم منه, و ابدأ في خلق عادات جديدة, و تأكد ان العادات القديمة ستختفي لا محالة.

👈للاشتراك في دروس تطوير الذات بالقرآن الكريم 👉

👈الاشتراك في قناة د. إبراهيم عبد الواحد👉

برجاء تقييمك للمقالة في قسم التعليقات👇

Comments

  1. نادية

    السلام عليكم
    جزاك الله خيرا على مشاركة تجربتك وعلمك معنا.
    عندي سؤال هل الدروس المكتوبة هي ملخص للفديوهات ١ و ٢؟

    1. Post
      Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *