تطوير الذات بالقرآن الكريم (7) – واجه نفسك

واجه نفسك

بعد قرائتك لهذا الدرس ستتعلم:

1/ ما هي الأمانة التي اعطاك الله اياها؟

2/ ما المطلوب منك تجاه هذه الأمانة؟

3/ كيف ترسم طريقك الخاص لتطوير ذاتك؟

4/ لماذا يفشل كثير من الناس في تغيير وتطوير أنفسهم؟

5/ كيف تتعامل مع من يقلل من شأنك؟

6/ ما هو الفرق بين مواجهة نفسك بالحقيقة وجلد الذات؟

7/ هل انت فعلا مسؤول بالكامل عما حدث لك؟

8/ ماهي الطريقة الصحيحة للحكم على تجاربك؟

9/ كيف تستفيد من تجاربك الماضية في تحسين مستقبلك؟

بسم الله نبدأ….

الآية الكريمة (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ) وضحت لك المعنى العام للتغيير و بينت لك أنه عليك بنفسك أولا, افعل كل ما بوسعك ثم اترك حكمة التغيير وتوقيته لله كما أسلفنا

لكن الآية لم تبين لك بالتفصيل طريقة التغيير, وتركت هذا لاجتهادك الشخصي الذي انت مطالب به لأنه جزء من الأمانة التي أعطاها الله اياك

أمانة حياتك وقدرتك على تقرير مصيرك وكيف تريد أن تكون

لذا حياتك ملكك انت فقط ومسؤولية تطوير ذاتك وتحسين حياتك تقع على عاتقك انت فقط

افهم ان تغيير ما بنفسك هو اجتهاد شخصي يبدأ من داخلك في المقام الأول وليس من أحد آخر, انت فقط من عليه إيجاد السبيل الصحيح للتغيير, و انت من عليه السير فيه

التغيير والتطوير الحقيقي هو قرار شخصي منبعه حبك لذاتك وإرادتك الخير لنفسك

ليس لأن فلان فعل كذا فلابد ان تفعل كذا, او لأن عائلتك ومجتمعك يريد منك ان تكون هكذا فلابد ان تكون هكذا

لذلك اجتهد و قرر السبيل الصحيح المناسب لك و تحمل نتيجة اختيارك, إذا كانت النتيجة مرضية لك استمر على ما انت عليه, و إذا لم تكن مرضية فعليك بالتعلم من اخطائك والاستفادة منها في قرارك القادم ثم قم بتنفيذه وهكذا حتى تصل لهدفك

بالتأكيد يمكنك التأسِّي بآيات القرآن أوامره ونواهيه, سُنَّة سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام, قصص الأنبياء, الصحابة, أولياء الله الصالحين, و المتميزين من باقي البشر

لكن افهم انه في المقام الأول المسؤولية تقع عليك انت, فقرر المناسب لك و تحلى بالشجاعة و القوة لتسير في الطريق الذي رسمته لنفسك

اقرأ أيضا تطوير الذات بالقرآن الكريم (2)

لاحقا بإذن الله سنتعلم الطريقة السهلة و الفعالة جدا لتغيير ما بالنفس تغيير حقيقي ودائم, هذه الطريقة اهتديت إليها بعد تجارب و أخطاء كثيرة حتى وصلت للشكل النهائي 

عندما طبقت هذه الطريقة على نفسي بفضل الله وصلت لنتائج مذهلة و في وقت قياسي, أحسست فعلا بالتغيير يحدث داخلي واختلفت نظرتي لنفسي ولكل ما حولي

سأشارك هذه الطريقة معك بالتفصيل, وأنصحك بتطبيقها على نفسك لعظم أثرها, لكن هذا لا يعني أبدا أنه لا يمكنك انتاج واكتشاف طريقة أخرى خاصة بك, المهم ان تصل للنتيجة المرغوبة, وهي التطوير الحقيقي لذاتك وتحسين حياتك

لذلك أعيدها عليك, قراءتك للقرآن, حفظك للقرآن, وتدبرك الشخصي للقرآن سيفتحون عليك بأفكار جديدة مختلفة عن أفكار الآخرين, و سيساعدك جدا على إيجاد طريقك الشخصي

اقرأ أيضا تطوير الذات بالقرآن الكريم (1)

لكن قبل ان أخبرك بهذه الطريقة, علينا أن نتفق على أمرين في غاية الأهمية, و التي لا تستقيم أي محاولة للتغيير الحقيقي إلا بهما

أولا, إياك أن تبدأ رحلة تطوير ذاتك بالقرآن الكريم من مكان امتعاض او كُره لنفسك, ولكن ابدأ تغيير ما بنفسك من مكان حب لذاتك وإرادة الخير لها

معظم الناس حقا يكرهون أنفسهم لدرجة رفضهم كل شيء فيهم, دائمون النقد و الجلد لذواتهم 

امتعاضهم لأنفسهم هو ما يدفعهم للتغيير لأنهم يحاولون أن يكونوا شخص آخر مختلف تماما عما هم عليه حقا

لذلك لن ينجحوا أبدا في تغيير ما بأنفسهم لأنهم يكرهون أنفسهم من الأساس 

كيف تريد من نفسك السعادة في المستقبل وانت لا تتقبل نفسك كما هي الآن؟

افهم ان تغيير ما بنفسك لا يعني أبدا أن تكون شخص آخر, ولا أن تفعل أشياء مناقضة لما انت عليه 

تغيير ما بالنفس في المقام الأول هو محاولة لفهم النفس, حبها, تقبلها كما هي, والتصالح معها

للأسف الغالبية العظمى ممن يسمون أنفسهم دعاة لدين الله لا يفعلون شيء إلا جعلك تشعر انك شخص عاصي و سيء للغاية, و أن مصيرك جهنم إذا لم تتوقف عن فعل ما تفعله الآن, مما يجعلك تنفر منهم و من حديثهم لأن طبيعتنا كبشر اننا لا نحب أبدا ان يتكلم أحد عنا بالسوء حتى لو كنا نعلم ان ما يقوله فيه شيء من الصحة

وللأسف أيضا كثير ممن يطلقون على أنفسهم Life Coaches, يتميزون في جعلك تشعر ان كل شيء تفعله خطأ, مستقبلك أسود, و لا خير فيك إطلاقا إلا إذا استمعت لنصائحهم الثمينة و استثمرت وقتك ومالك في التدريب الذي يقدمونه

لذلك ليست مفاجأة ان أي محاولة لتغيير نفسك وتحسين حياتك تبدأ بهذه الطريقة المنفرة مصيرها الفشل الحتمي ولو بعد حين, وفي أحيان كثيرة تعود كما كنت او حتى أسوأ, لأنك لم تبدأ من مكان حب لذاتك ولكنك بدأت من مكان رفض 

كلنا لا نميل إلا لمن يقول فينا قولا لينا لطيفا, يتودد إلينا ويريد الصالح لنا, ونحن حقا نستحق هكذا معاملة حسنة

لا يجب ان تتهاون أبدا مع أي شخص يظن أنه أفضل منك و يحاول دائما التقليل من شأنك لكي يشعر بتفوقه عليك, يجب ان تكون قاسيا مع هذا النوع من الناس ولا تعطي لهم الفرصة أبدا لكي يقللوا احترامك وحبك لنفسك, أضعف الإيمان ألا تعطي لهم اهتمامك ولا تستمع لهم 

افهم أن كل بني آدم خطاء وأن الحياة ليست سهلة, كلنا نستيقظ في الصباح ونحاول جاهدين أن نجعل اليوم افضل من امس, فينا من يصيب بعض النجاح لكن كثير منا يظل يحاول 

الدليل على انك شخص جيد أنك تقرأ هذه الكلمات الآن, هناك قوة داخلك تدفعك لتحسين نفسك لأنك لن ترغب في تطوير ذاتك بالقرآن الكريم إلا إذا كنت تريد حقا تغيير ما بنفسك وفعل شيء جيد في حياتك

الله سبحانه وتعالى فقط هو من يحق له الحكم عليك, و ليس لأحد آخر هذا الحق إلا إذا تنازلت انت عن حقك

لذلك, قرر الآن انك ستبدأ رحلة التغيير والتطوير بالقرآن الكريم من مكان حب لذاتك و إرادة الخير لها, حتى لو لم تكن تحب نفسك الآن, لكن فقط أنوي واترك الباقي لله

ثانيا, ابدأ رحلة تغيير ما بنفسك بالمواجهة وليس بالهروب, كن صريحا مع نفسك ,اعترف بأخطائك, افهم انك مسؤول عن حياتك وعن اختياراتك

هناك فرق شاسع بين مواجهة نفسك بالحقيقة و جلد الذات

جلد الذات هو عمل سلبي يجعلك دائم الشكوى ولا ينتج أي شيء إيجابي يجعلك تتطور, بل ويجعلك تكره نفسك 

لكن مواجهة نفسك بالحقيقة و الاعتراف بأخطائك عمل إيجابي تماما يجعلك واعيا بقدرتك على الاختيار, وينتج عنه دروس مستفادة يمكن تطبيقها في المستقبل للحصول على نتائج أفضل

لكي تعرف هل تواجه نفسك حقا ام تهرب من المسؤولية, راقب الطريقة التي تحدث بها نفسك اثناء تذكرك للتجارب الغير سارة في حياتك, هل دائما تلقي اللوم ومسؤولية فشلك على الظروف المحيطة او على الآخرين أم تعترف بمسؤوليتك عما حدث وأنك من سمحت لهذا ان يحدث؟

انا لا أقول ان الظروف المحيطة بك كانت مثالية او ان الناس المحيطين بك كانوا ملائكة, بالتأكيد الظروف والناس يمكن ان يؤثروا في مصيرنا, لكن المطلوب منك ان تدرك حقيقة انك انت من سمح لتلك الظروف و لهولاء الناس بإفساد حياتك والتحكم في اختياراتك

انت من قرر الإستجابة لتلك الظروف بطريقة تجعلك عاجزاً او مغلوب على أمرك, انت من سمح لهذا او ذاك ان يضرك بهذه الطريقة لأنك ساعتها لم تدرك قيمة نفسك

اعترف لنفسك بهذه الحقيقة, واجه ذاتك بتقصيرها, و اسمح لكل المشاعر المدفونة ان تظهر للنور, عندئذ فقط تبدأ رحلتك الحقيقية لتغيير ما بنفسك تغييرا دائما

لكن الهروب والقاء المسؤولية على الآخرين سيجعلك تدور في نفس الحلقة المفرغة من لوم الذات والحقد على كل مخلوقات الله

عند مواجهتك لنفسك, احكم بالنتائج النهائية وليس بالنوايا, لا تقول كانت نيتي خير عندما دخلت هذه العلاقة الفاشلة, او كانت نيتي خير عندما شاركت فلان هذا المشروع الخاسر

انظر للتجربة بطريقة موضوعية مجردة, احكم بالنتيجة النهائية لأفعالك, ماذا حدث في النهاية؟ النتائج النهائية تعطي إجابات صادقة و حقيقية عن نواياك و افعالك 

وعندما تحصل على تلك الإجابات الواقعية ستعرف حقا كيف تسببت انت في جلب هذا الفشل او تلك الخسارة على نفسك, ستعرف ما هي الأفعال والسلوكيات التي يجب ان تتجنبها في العلاقة القادمة او المشروع القادم لتحصل على نتائج أفضل 

واجه, تحمل المسؤولية, تعلم مما حدث, ثم واصل العمل حتى تصل لهدفك.

👈للاشتراك في دروس تطوير الذات بالقرآن الكريم 👉

👈الاشتراك في قناة د. إبراهيم عبد الواحد👉

برجاء تقييمك للمقالة في قسم التعليقات👇

Comments

  1. فاطمة

    السلام عليكم
    بعد تتبعي لدروس تطوير الذات بالقران الكريم. جاء على بالي الاية ( ان الصلاة تنهى عن الفحشاء و المنكر) و فهمت منها ان المقصود بالصلاة ليست الفروض الخمسة فقط و إنما الاتصال المباشر بالله الذي يكمن في الشعور بمراقبة الله الدائمة للعبد و شعور العبد ان الله يرى ما يراه و يسمع ما يسمعه. هذا الذي يجعل العبد يستحي من فعل أي شيء يضره هو و يغضب الله أو حتى الإحساس بشعور سلبي اتجاه احد.

    1. Post
      Author
      د. إبراهيم عبد الواحد

      تدبرك للآية صحيح جدا, بعد هذه الآية “ولذكر الله أكبر” يعني الصلاة الغرض الاساسي منها استدامة ذكر الله حتى بعد الفروغ من الصلاة
      احسنتي التدبر حان الآن وقت العمل بما تدبرتي…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *