وقت القراءة:3 دقائق
الآية كاملة:
“وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ ۚ وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ ۚ وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَن سَلَامٌ عَلَيْكُمْ ۚ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ” (الأعراف 46)
الآية تتحدث عن حوار بين أصحاب الأعراف وهي منطقة بين الجنة والنار يقف عليه من تساوت حسناتهم مع سيئاتهم وينتظرون حتى يفصل الله في أمرهم, وبين أصحاب الجنة الذين دخلوا الجنة أو في طريقهم للدخول
يظهر في الآية كيف أن أصحاب الأعراف يتمنون دخول الجنة و ينادوا أصحابها أن سلام عليكم, يمكن أن يكون السلام هنا بمعنى التحية هذا احتمال والله أعلم, لكن المعنى الذي تدبرته أثناء قراءتي وحفظي أن أصحاب الجنة يكونون في حالة عظيمة من السلام والسكينة وهدوء النفس والاطمئنان التام والله أعلى وأعلم
وفكرت ان هذا شيء منطقي للغاية لأن دخول الجنة معناه خلود دائم واستمتاع مستمر بالنعم مع عدم الخوف من فقدانها, من يدخل الجنة لا يقلق ولا يسعى للحصول على أي شيء لأن ببساطة كل رغباته مجابة حتى دون أن يطلب فلماذا الخوف والقلق؟
من يدخل الجنة لا يخاف أبدا على نفسه لعلمه أنه في أمان ونعيم مقيم, لا يشغل باله بالتفكير في المستقبل لأن متع الحاضر تملأ كل كيانه, لا ينتظر شيء, ولا يحرص على الاحتفاظ بشيء, لأن كل شيء موجود وبكثرة عليه فقط أن يطلب, أليس هذا أجمل شعور في الكون؟
وعندما فكرت ما هو الشعور الذي نريده جميعا ونسعى إليه طيلة حياتنا, وجدت أنه شعور السلام, حتى وإن لم تكن تعلم, فأنت تسعى جاهدا للوصول لشعور أهل الجنة ألا وهو السلام
كل المشاعر الجميلة التي نسعى للإحساس بها, لا نريد من ورائها إلا أن نصل لحالة جميلة من السلام النفسي وهدوء العقل, لماذا تريد ان تشعر بالحب, الرضا, الامتنان, النجاح, الإنجاز, الانتماء, الاحتواء, السعادة, القوة, الجمال؟ لماذا تسعى جاهدا كي يكون لك مكان في هذا العالم؟ الإجابة هي لكي تشعر بالسلام والاطمئنان
كل شعور جميل تسعى إليه هو في الحقيقة وسيلة مباشرة او غير مباشرة للشعور بالسلام ولكي تتأكد من كلامي انظر لقائمة أهدافك, لماذا تريدها وتسعى جاهدا في سبيل جعلها حقيقة؟ هذا سؤال متروك لك كي تجاوب عليه لأني لا أعلم بالظبط ما هي أهدافك لكن أعلم أنها بشكل أو بآخر توصلك لحالة جميلة من السلام إذا حققتها
وسألت نفسي لماذا لا نسعى لتحقيق هذه الحالة من السلام في الدنيا أيضا؟ وأيقنت أن هذا مستحيل لأن الدنيا دار ابتلاء, لكن يمكننا على الأقل تحقيق حالة مشابهة لحالة أهل الجنة
يمكننا جدا بفضل الله أن نحقق السلام النفسي في الدنيا لأن الله قد أعطانا الطريقة في كتابه الكريم وسنة نبيه, علينا فقط باستخلاص الخطوات وتطبيقها عمليا وسنصل بإذن الله
ومما زادني تأكد من صحة تدبري, اني تذكرت حديثا لسيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام يخبر فيه الصحابة “يطلع عليكم من هذا الفجّ رجل من أهل الجنة”
فظن الصحابة أنه رجل مميز عليهم بحسن قيام او صيام, ولكن بعدما ذهب أحد الصحابة للمبيت عند هذا الرجل كي يراقب أفعاله لمعرفة ما يميزه حقا, وجد أنه لا يفعل أي شيء زائد
لكن لاحظ الصحابي شيئا مهما للغاية, أولا أن هذا الرجل بشوش ومبتسم دائما, ثانيا أن هذا الرجل لا يقول إلا خيرا ويصون لسانه كل الصيانة, لا يسب, لا يلغو, ولا يخوض في الأعراض, وعندما سأله لماذا يقول رسول الله انك من أهل الجنة, أجاب الرجل أنه ينام كل ليلة ولا يجد في نفسه غلا ولا غشا ولا حسدا لأحد من الناس
هذا الرجل اختار أن يصون لسانه ولا يتكلم إلا بما يرضي ربه, وألا يحمل غلا ولا حقدا ولا حسدا تجاه أي أحد, فبات كل ليلة في سلام فاستحق دخول جنة السلام بفضل الله, هذا الرجل اختار أن يعيش في جنة الدنيا فاستحق دخول جنة الآخرة
انت الأن تستمر في حفظ سورة البقرة, ومحافظ على وردك اليومي من قراءة القرآن, وبذور عاداتك الإيجابية الجديدة قد بدأت في النمو وقريبا ستصبح جزءا أساسيا من شخصيتك بفضل الله, والحمد لله بدأت تأخذ بالأسباب وتسعى في تحقيق ما تريد, وهذا الدرس سيعينك بإذن الله على تحمل مشقات الحياة التي قد تعوق طريقك لتطوير ذاتك وتحسين حياتك بالقرآن الكريم
في الدرس الرابع بإذن الله سوف نتكلم بالتفصيل عن كل طرق تحقيق هذا السلام النفسي الجميل الذي نطمح جميعا في الوصول إليه والله الموفق والمستعان
بسم الله نبدأ…
👈للاشتراك في دروس تطوير الذات بالقرآن الكريم 👉
👈الاشتراك في قناة د. إبراهيم عبد الواحد👉
برجاء تقييمك للمقالة في قسم التعليقات👇
كلام جميل ومريح الله يجعلنا واهلنا واحبابنا من اهل الجنه ويرزقنا السلام بالدنيا والجنه في الاخره بغير حساب ولا عقاب ويعفو عنا انه الغفور الرحيم. جزاك الله خير
أمين يارب ويجعلك من الصالحين الفالحين شكرا 🙂