تطوير الذات بالقرآن الكريم (19) – تقبل فكرة الجهد المهدور

وقت القراءة: 5 دقائق

بعد قرائتك لهذا الدرس ستتعلم:

1/ ما هو سر الوصول للأهداف؟

2/ ما معنى مبدأ الجهد المهدور او النسبة الهالكة؟

3/ كيف يساعدك هذا القانون على الوصول لأهدافك؟

4/ كيف يستفيد الناجحون من هذا القانون لأقصى حد؟

5/ لماذا النجاح عن استحقاق أفضل من النجاح السريع؟

6/ كيف تشعر بحلاوة الإنجاز؟

7/ لماذا يذهب النجاح السريع مثلما جاء؟

8/ ماذا تفعل إذا أكرمك الله بنجاح سريع؟

بسم الله نبدأ…

كيف تفرق بين شخص جاد في سعيه وبين آخر غير جاد على الإطلاق؟ التفريق بينهم سهل جدا ويعتمد على عامل واحد فقط ألا وهو…الإستمرارية 

الشخص الغير جاد في سعيه, في أول الأمر تجده يمتلك كثير من الحماس والرغبة للوصول لهدفه و يبدأ فعليا في اتخاذ خطوات مدروسة, ثم بمرور الوقت ومع أول تحدي او فشل مهما كان صغيرا يقع فريسة للقلق والكسل واليأس ثم يتوقف عن السعي تماما ويبدأ في الإتيان بمختلف الأعذار

على النقيض من هذا, تجد الشخص الجاد في سعيه يستمر ويثابر على المحاولة وإذا وضع الله أي تحدي في طريقة سوف يعمل جاهدا و يأخذ بكل الأسباب للتغلب على هذا التحدي, بل والافضل من هذا فإنه لن يرى تحدي أصلا لأن هدفه واضح جدا في عقله, هذا الشخص من المؤكد بإذن الله أنه سوف يصل لهدفه إن عاجلا او آجلا

هناك مبدأ أساسي في الكون يسمى قانون الجهد المهدور او النسبة الهالكة, الشخص الناجح والجاد في سعيه يفهم تماما هذا القانون ويطبقه لأقصى حد, يمكنك اعتبار هذا القانون كنظام إلهي دقيق لفرز من يستحقون النجاح فعلا عمن لا يستحقون او من يخدعون أنفسهم 

قانون الجهد المهدور ببساطة يعبر عن كم المحاولات الجادة التي قمت بها للوصول لهدفك, كم سببا أخذت, كم من الوقت والجهد والمال استثمرت كي تصل لهدفك

ولكي تنجح في الوصول لهدفك بإذن الله, لابد ان يكون مجموع هذه الكموم كبيرا للحد الذي يضمن لك استحقاق مرادك

لماذا يجب ان يكون هذا المجموع كبيرا؟ لأن النسبة العظمى منه سوف تُفقد في كثير من المحاولات الفاشلة التي لن توصلك لهدفك لكنها ستعلمك كيف تصل, هذه هي النسبة الهالكة او الجهد المهدور

مثال على هذا: إذا قمت ب 100 محاولة جادة للوصول لهدفك بمعنى أنك في كل محاولة سوف تأخذ بكل أسباب النجاح التي في استطاعتك الآن, تأكد ان 90 محاولة ستفشل تماما لكن كل تجربة فاشلة ستكشف لك سببا جديدا لم يكن في الحسبان, ستأخذ بهذا السبب الجديد وهكذا 

ثم ستصل بفضل الله لدرجة من الخبرة والثقة لتجد ان محاولاتك أصبحت أكثر فاعلية, ال 9 محاولات القادمة سوف تقترب كثيرا من هدفك لكنك أيضا لن تفوز به لأن هناك سببا او مجموعة أسباب مازالت مخفية عليك ولابد أن تتعلمها أولا

ثم بفضل الله مع استمرارك في الأخذ بالاسباب والتعلم من أخطائك, سيكرمك الله بالمحاولة رقم 100 والتي أغلب الظن أنها ستكون بسبب لم تكن تتخيله على الإطلاق وسيكون هذا السبب وهذه المحاولة هي التي توصلك لهدفك بإذن الله 

الله يقدر أن يعطيك أهدافك من أول محاولة, لكنه يريد أن يرى هل ستهز بجذع النخلة أم لا

إذن ما الذي يعطيك الحق في هذه المحاولة؟ هو بكل بساطة استمرارك وتقبلك لكم الجهد الذي أهدرته, انك لم تيأس حتى بعد 99 محاولة فاشلة, هنا تكون حقا وصدقا قد استحققت هدفك تماما ولأنك صَدَقْتَ الله فسوف يَصْدُقَكَ الله ويجعل حتى هدفك هو من يسير إليك ويأتيك من أكثر مكان غير متوقع لأن في النهاية الأسباب هي جند من جنود الله

بعد 99 محاولة فاشلة ستكون قد امتلكت خبرة ودراية كبيرة بما تفعله وتعرف بالتحديد كيف تفعله, وسوف يكافئك الله بالوصول بإذن الله 

تقبل فكرة وحقيقة ان كثيرا من جهدك وطاقتك فائدتهم الوحيد هى التعلم وإعطائك الخبرة اللازمة ومعرفة الأسباب الصحيحة للوصول لهدفك لكنك لن تستطيع الوصول إلا بعدما تتقن كل الأسباب 

تكلمنا قبل ذلك عن الاستحقاق وانه لكي ترفع شعورك بالاستحقاق لابد أن تأخذ بكل الأسباب المتاحة, لكن دون تقبلك لفكرة الجهد المهدور ستصبح فريسة سهلة لليأس والكسل واللوم, لأن الاستمرار بعد كثير من المحاولات الفاشلة يحتاج لشجاعة كبيرة وقوة داخلية و وضوح تام للهدف, وفي الحقيقة هذا هو سر الوصول

انظر حولك وتأمل, اقرأ سير الناجحين والعظماء و قم بتحليل سر نجاحهم, لن تجد أي إنجاز كبير او اكتشاف علمي مهم إلا وقد سبقه عشرات أو مئات المحاولات الفاشلة, بل وحتى بعد كل تلك المحاولات تم هذا الاكتشاف بمحض الصدفة وبسبب لم يكن مخطط له, هذه هي معجزة الاستمرار والمثابرة 

انظر حتى لحياتك الشخصية وللمرات التي نجحت فيها في الوصول لهدف ما, تذكر كم مرة حاولت وكم سببا أخذت وكم بذلت من جهد و وقت وطاقة حتى نجحت

حياتنا كلها مبنية على جهود ونجاحات أشخاص جاؤوا قبلنا ولم ييأسوا أبدا من تحقيق حلمهم وبذلوا كل غال ونفيس في سبيله ثم أتينا نحن لنرى جميل صنعهم

تعامل مع أهدافك و أحلامك بهذه الطريقة, استمر في المحاولة, تعلم من اخطائك, خذ بكل الأسباب المتاحة والتي سوف يكشفها الله لك بمرور الزمن حتى تصل 

و لن تصل أبدا إلا بهذه الطريقة, لا تغرنك العناوين الرنانة او الأساليب السريعة التي توصلك لهدفك في غضون أيام فقط إذا قمت بعدد من التأملات والتخيلات والتوكيدات اللفظية واستحضار المشاعر 

هذه الأساليب قد تم ابتكارها وتسويقها لاستغلال رغبة كثير من الناس في عدم بذل أي مجهود كما أسلفنا, يظنون أنه يمكنهم الاحتيال على القوانين الثابتة التي أرساها الله في كونه والوصول لما يريدون بواسطة طرق مختصرة

لذلك ليس غريبا أبدا ان يستمر هؤلاء الناس في استعمال عديد من تلك الطرق والأساليب دون أي فائدة تذكر, لأن تلك الطرق لا تعطيهم أي خبرة حياتية حقيقية ولا تعلمهم الأسباب الصحيحة للوصول لأهدافهم

لا تيأس إذا تعرضت لتحديات او واجهت المصاعب في سبيلك لهدفك, هذا كله جزء من استحقاقك, ومبدأ كوني كي تبرهن لنفسك أولا أنك فعلا صادق فيما تريد

وأحب أن أسوق لك بشرى رائعة, عندما يمن الله عليك بالمحاولة الوحيدة الناجحة, وبعدما تصل لهدفك بعد طول عناء, سيعوضك هذا النجاح عن كل الجهد الذي بذلته 

ستشعر ان كل تلك المحاولات الفاشلة كانت ضرورية فعلا, ستنظر خلفك وترى المسافة الطويلة التي قطعتها في سبيل الوصول وتشعر بسعادة لا توصف

هذا الشعور الرائع بالإنجاز لا يضاهيه أي شعور آخر, ستشعر انك إنسان مختلف تماما وأنك قد تغيرك فعليا وتبدلت للأحسن, حياتك بأكملها ستنتقل لمستوى أعلى

ستشكر الله على كل لحظة أعطاك فيها القوة حين أصابك اليأس, ستشعر بالامتنان العميق لله سبحانه وتعالى لأنه أراد لك النجاح الذي يأتي عن جهد واستحقاق لأن هذا هو النجاح الذي يستمر وتستطيع أن تبني عليه نجاحات أكبر 

لكن النجاح السريع الذي يأتي من ضربة حظ او بسبب طريق مختصر فاحتمال استمراره قليل للغاية, أغلب الظن ان الذين يصيبون نجاحا سريعا يفقدونه سريعا أيضا لأنهم لا يشعرون أنهم يستحقون هذا النجاح ولا يعلمون كيف يحافظون عليه لجهلهم بالأسباب 

إذا أصبت هذا النوع من النجاح السريع هذا ليس أمرا سيئا, لكن عليك ألا تغتر بنفسك أو تركن إلى الحظ, يجب عليك تعلم الأسباب المناسبة لكي تحافظ على هذا النجاح وتبني عليه نجاحات أخرى, يجب عليك شكر الله على هذه الفرصة التي أعطاها لك وعلى هذا التسهيل, احترم الأسباب ولا تظن انك أكبر من الأخذ بها

لذلك في كل الأحوال عندما يمن الله عليك بنجاح عن استحقاق او بنجاح سريع, لا تتوقف أبدا عن تطوير نفسك والأخذ بالأسباب والسعي الجاد, استمر في طريقك واستثمر في نجاحك فذلك جزء مهم من التعبير عن شكرك وامتنانك لله على هذا النجاح. 

👈للاشتراك في دروس تطوير الذات بالقرآن الكريم 👉

👈الاشتراك في قناة د. إبراهيم عبد الواحد👉

برجاء تقييمك للمقالة في قسم التعليقات👇

Comments

    1. Post
      Author
  1. W.A

    شكرا لحضرتك على هذا التوضيح. تربيت من الاهل على انه اخذ الوقت الطويل ( المناسب) لتحقيق اي هدف يعتبر فشل و ضياع للوقت. كلامك طمني بجد. كان يجذبني كلام مدربين في علوم الطاقة و اسرار الكون و الذبذبات و لأكون صريحة جزء مني مقتنع به تماما, و لكن عندما لا احقق هدف بالسرعة التى و عدنا به مدربون الطاقة لازم الاعتراف بقانون الجهد المهدور. كلام منطقي و في وقته.

    1. Post
      Author
      د. إبراهيم عبد الواحد

      جلد الذات عندما لا نحق اهدافنا بسرعة يعتبر ظلم شديد للنفس واغفال لقضية القضاء والقدر التي نحن مطالبون كمسلمين بالإيمان بها تحقيق الاهداف لابد ان يصاحبه سعي وأخذ بكل الأسباب وصبر جميل
      غير هذا لن يكلل بالنجاح ابدا, هنيئا لكي على ادراكك لهذه الفكرة في هذا الوقت وافادكي الله مما تتعلمين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *