تطوير الذات بالقرآن الكريم (6) – عليك بنفسك فقط

عليك بنفسك فقط

بعد قراءتك لهذا الدرس ستتعلم:

1/ مراجعة سريعة على الواجب العملي للدرس الأول

2/ من المسؤول عن التغيير الشامل في حياتك انت أم الله؟

3/ ما هي مسؤوليتك الوحيدة في الحياة؟

4/ الفرق الجوهري بين الشخص القوي والشخص الضعيف؟

بسم الله نبدأ….

بفضل الله في الدرس الأول تعلمنا أهمية الورد اليومي من القرآن الكريم لأن مع قراءتك يوميا سيفتح الله عليك بمعاني جديدة من الآيات وعندما تتدبر هذه المعاني و تقوم بتطبيقها عمليا ستتغير حياتك كلها للأفضل بإذن الله

وتعلمنا أيضا أهم خطوة عملية, وهي حفظ سورة البقرة وشرحنا لماذا سورة البقرة بالتحديد, و ما الفائدة العظيمة التي ستعود عليك عندما تبدأ في حفظ سورة البقرة و تكمل حفظها بإذن الله

و أرجو من الله ان يوفقك للإلتزام بالواجب العملي للدرس الأول لأن قراءة القرآن, تدبره, وحفظه هما أساس تطوير الذات وتحسين الحياة بالقرآن الكريم

والآن نبدأ الدرس الثاني من دروس تطوير الذات بالقرآن الكريم…. بعنوان

(إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ)

من أجمل آيات القرآن الكريم, دائما ما نستشهد بها عندما نتحدث عن تغيير الواقع والظروف و نسقطها على أنفسنا و الآخرين

ونعلم بيننا وبين أنفسنا صحة هذه الآية, وأننا لن نتغير ونتطور ونحسن من حياتنا إلا إذا بادرنا بالخطوات العملية لتغيير ما بداخل أنفسنا أولا

كلنا يعلم هذا بفضل الله, لكن معظمنا لا يعلم ماهي الطريقة الصحيحة لتغيير ما بالنفس تغييرا حقيقيا 

أغلب الناس يظن ان تغيير ما بنفسه يتم بتغيير المظهر الخارجي, او بتغيير محل السكن, تغيير الحالة الاجتماعية, الحالة المادية…

هذا التغيير الخارجي ليس مضر او مكروه بل هو شيء جيد, لكنه ليس الأساس

سأقول لك دليلي على هذا و كيف توصلت إليه

اثناء قراءتي لهذه الآية وتدبري في معناها وقع في قلبي معنيان مهمان 

المعنى الأول, (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ) أي أن الله هو الذي يُغِّير, هو الذي يحدد نوع التغيير الذي سيحدث لك, توقيته, وكيفيته وليس أنت 

إذن ما دورك انت؟ مهمتك الوحيدة هي تغيير ما بنفسك, العمل على التطوير من ذاتك, تهذيب السيء, اكتساب الجيد, ثم تطوير هذا الجيد

فقط هذا هو نطاق سلطتك, نفسك

التغيير الإيجابي الشامل الذي ستختلف حياتك بعده سيتم بإذن الله, لكن الطريقة و الموعد في علم الله و من اختصاص الله ولابد أن تفهم هذا جيدا وتوقن بصحته ولا تلوم نفسك أبدا إذا تأخر عليك الفتح او النصر الذي تنتظره منذ وقت طويل لأن هذا ليس في نطاق سيطرتك

كثير من الناس يقعون ضحية للظن الخاطئ انهم مسؤلون تماما عن حدوث هذا التغيير الشامل في ذواتهم وحياتهم ونتيجة لهذا يعيشون في حالة مستمرة من الضغط العصبي وجلد الذات, لأنهم يتوهمون وجود شيء خاطئ في طريقة عملهم وأن هذا الخطأ هو سبب تأخر نجاحهم, او سبب عدم وصولهم لأهدافهم

افعل ما عليك (العمل على نفسك), ثم دع الأمر لله و أرح قلبك وعقلك

المعنى الثاني, (مَا بِأَنْفُسِهِمْ), (ما) هنا تعني كل شيء في نفسك, نواياك, أفكارك, مشاعرك, أفعالك, سلوكياتك,عاداتك, رغباتك, أهدافك, الطريقة التي تتحدث بها مع نفسك, التي تنظر بها للأمور, التي تنظر بها لنفسك, التي تتعامل بها مع الناس, التي تتحدث بها… 

كثير من الناس يركزون مثلا على تغيير أفكارهم فقط, او على تغيير عاداتهم فقط, فتكون النتيجة انهم يعودون مرة أخرى لما كانوا عليه بعد وقت قصير ودائما يشعرون بصعوبة التغيير و ثقله على نفوسهم, لأنهم لم يهتموا بتهذيب وتغيير بقية ما بنفوسهم و تجاهلوه تماما, إما كسلا, أو عن عدم دراية, لكن في كل الأحوال النتيجة واحدة وهو استحالة التغيير الحقيقي

لذا إذا أردت حقا تغيير ما بنفسك وتتبع معنى الآية الكريمة, لابد أن تهتم بتغيير كل (ما) بنفسك, و بالطبع هذا يحتاج نية صادقة وعمل مستمر

و لهذا السبب, قوة الإنسان الحقيقية تقاس بمدى قدرته على تغيير كل ما بنفسه, ومثابرته على تطوير نفسه باستمرار

الشخص القوي لا يخاف من مواجهة نفسه بأخطاءه, ثم يتعلم منها, و يجرب من جديد ولا يتوقف ابدا إلا عند وصوله لهدفه

الشخص القوي يفهم جيدا أن عليه بنفسه, و أن سلطته الوحيدة هي على نفسه فقط

الشخص الضعيف هو من يحاول فرض سيطرته و أفكاره على الآخرين, يطلق الأحكام عليهم و ينتقدهم باستمرار, لا يحاول أبدا أن يطبق أفكاره المثالية على نفسه اولا, و لا يشعر اطلاقا أنه بحاجة لتطوير ذاته او تغيير أسلوبه, لأنه يظن أنه لا ينقصه شيء

الشخص القوي تظهر قوته الحقيقة على المدى الطويل, نتيجة عمله المستمر و بذل مجهود كبير على تطوير نفسه, لكن الشخص الضعيف يمكن أن يظهر أحيانا بمظهر القوي على المدى القصير, لكن مع مرور الوقت يظهر ضعفه الحقيقي ويعجز عن مجاراة الزمن, لأنه عجز قبل ذلك عن مواجهة نفسه

لذلك يتضح لك, ان انشغالك بنفسك لابد أن يأخذ معظم وقتك وتركيزك, لأن تغيير ما بالنفس يشمل تغيير كل ما فيها وليس بعضها 

لذا, عليك بنفسك فقط.

👈للاشتراك في دروس تطوير الذات بالقرآن الكريم 👉

👈الاشتراك في قناة د. إبراهيم عبد الواحد👉

برجاء تقييمك للمقالة في قسم التعليقات👇

Comments

  1. Bouchra rahaoui

    مقالات عميقة محتواها جميل جدا. بها تستطيع الوقوف ومعرفة التغيير الحقيقي الذي به يتم تطهير وتزكية النفس. لن تتم هذه التزكية الا بالعمل التدريجي الذي يقتبس معالمه من القران الكريم

    1. Post
      Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *