تطوير الذات بالقرآن الكريم (25) – حب الذات: كن لطيفا مع نفسك

وقت القراءة: 6 دقائق

بعد قراءة هذا الدرس ستتعلم:

1/ ما الفرق بين الكمالية والرغبة الصحية في تطوير الذات؟

2/ كيف تؤثر الكمالية على الصورة التي ترى بها نفسك؟

3/ كيف يمكن أن تسبب لك الكمالية الكثير من الأضرار النفسية؟

4/ كيف تغير طريقة حديثك مع نفسك؟

5/ كيف تكون أكثر لطفا مع نفسك؟

6/ كيف يجعلك اللطف مع نفسك أكثر سعادة و رضا؟ 

بسم الله نبدأ…

تحدثنا في درس سابق عن وهم الكمال وكيف أنه أحد الأسباب الرئيسية التي تمنعك من الأخذ بالأسباب والسعي نحو هدفك, وفي هذا الدرس سنتعلم كيف يؤثر وهم الكمال على الطريقة التي تتعامل بها مع نفسك

أصل السعي وراء الكمال هو الفكرة الخاطئة “إذا أصبحت أكثر نجاحا, أكثر جمالا, أكثر مالا, أكثر…. سأرضى أخيرا عن نفسي و أتوقف عن الشعور بالدونية”

السعي وراء الكمال وهم مريح نحيط به أنفسنا لتبرير عدم شعورنا بالسعادة والرضى في الوقت الحالي, لكنه في الحقيقة يمنعنا أن نكون أنفسنا

السعي وراء الكمال مختلف تماما عن الطموح والرغبة في تطوير الذات, الدافع الحقيقي وراء الكمالية هو الفوز باستحسان الناس واعجابهم لأن العالم يخبرنا منذ ولادتنا أن قيمتنا الوحيدة هي بإنجازاتنا, الدرجات المدرسية, الدراسة الجامعية, مقدار المال الذي نمتلكه…, لذلك نشأنا تحت ضغط مجتمعي هائل كي نكون الأفضل في كل شيء, لكن أصل الرغبة في تطوير الذات هو “أنا أحب نفسي جدا وراض عنها كما هي وأريد أن أتطور كل يوم كي أحقق ما أريد” 

الكمالية تدفعك دائما لمقارنة نفسك بالآخرين فتتذكر نقاط قوتهم ونقاط ضعفك, تجعلك تنسى قيمة نفسك وأن جمالك الحقيقي في تفردك واختلافك 

الكمالية تجعلك تقسو على نفسك ولا تعطيها أي فضل مهما حققت من نجاحات

الكمالية تجعلك تشك في كل أفعالك وأقوالك لأنك دائم الخوف من الوقوع في الخطأ

الكمالية تجعلك تظن أنك مسؤول عن العالم وعن كل ما يحدث حولك 

الكمالية هي الوجه الآخر للغرور وتضخم الأنا والشعور الكاذب بالأهمية

الكمالية تمنعك من المخاطرة او أخذ زمام المبادرة لأنك تخاف من الفشل فتفضل ألا تفعل أي شيء على أن تأخذ بالأسباب وتحاول 

الكمالية تسبب الكثير من أمراض القلق والاكتئاب واحتقار الذات لأنك مهما فعلت فلن تنجح أبدا للوصول إلى المعايير الغير واقعية التي وضعتها لنفسك

الكمالية تجعلنا نفقد الفرصة لعيش حياة سعيدة هادئة لأن عقولنا لا تستطيع التوقف عن التفكير 

الكمالية تسبب حالة عميقة من لوم النفس وجلد الذات لأننا نشعر اننا دائما على خطأ

الكمالية تجعلك تشعر دائما أنك غير كافي وغير مؤهل

الكمالية تجعلك تعيش في حالة دائمة من الانشغال وضيق الوقت لكن في النهاية ترى انك لا تنجز أي شيء 

الكمالية تجعل الوصول للسلام النفسي شيئا مستحيلا

لن تستطيع أبدا امتلاك شجاعة التعبير عن نفسك او الرضا بحياتك إذا لم تقم بإنهاء سلطة التفكير الكمالي على عقلك

لذلك إن كنت ممن تسيطر عليهم الكمالية ويظنون أنها شيء حسن لابد من تغيير فكرتك لأنها في الواقع شيء سيء يستنزف طاقتك ويفسد صورتك عن نفسك ويدمر حبك واحترامك لذاتك

علاج الكمالية يتلخص في جملة بسيطة لكن معناها كبير وتأثيرها عظيم ألا وهي “كن لطيفا مع نفسك”, لا يمكنك تخيل عِظَم الفائدة التي ستعود عليك بإذن الله عندما تكون أكثر لطفا مع نفسك, ستجد أن الحياة سهلة للغاية وأنك كنت تبالغ في ردة فعلك تجاه أشياء كثيرة وأن الأمر لا يستحق منك كل هذا العناء

ستشعر أنك في الحقيقة لست سيئا للحد الذي كنت تظنه وأنك بالفعل لديك العديد من المميزات وأنجزت عديدا من الأشياء المهمة, انت فقط لم تكن تدرك هذا او أدركته لكن اخترت ألا تشعر بالسعادة تجاهه

اهتم بتغيير الطريقة التي تتحدث بها مع نفسك, لا تهتم بكل العبارات السلبية والأحكام الباطلة التي تلقيها الكمالية في عقلك و ابدأ بخلق عبارات أكثر إيجابية وتشجيعا

كن بسيطا لأقصى حد ولا تطلب من نفسك ما تعلم من التجربة أنه يفوق طاقتها, الأشخاص الكماليون دائما يرغبون في إنجاز عدة أشياء في وقت واحد وهذه مستحيل, اعرف أولوياتك جيدا و ركز على الأهم فقط واترك المهم والأقل أهمية لما بعد ستشعر براحة عظيمة إن فعلت هذا

اهتم بالإنجازات الصغيرة في طريق هدفك ثم ابني عليها ولا تثقل كاهلك بفعل أشياء غير مهمة على الإطلاق وليس هذا وقتها لمجرد إرضاء غرورك 

تخلص من المعتقد البالي أن قيمتك في إنجازاتك وأخبر نفسك أنك ستظل تحبها مهما حدث لأنك تعلم انك شخص جيد يفعل كل ما في وسعه لتطوير ذاته وتحسين حياته

لا تفكر في تغيير نفسك كي يعجب شخص آخر بك, عليك فقط ان تكون نفسك وتفعل ما تحبه والشخص المناسب سيطرق بابك دون أي جهد منك 

لا تفتن نفسك بتمارين رياضية مرهقة وأنظمة غذائية معقدة لمجرد أن يصبح جسدك مثل الشخص الفلاني, اجعل هدفك من الرياضة والأكل الصحي هو الصحة العامة وليس الشكل الخارجي 

خذ بالأسباب واجتهد في الوصول لهدفك, إن أصبت فيجب ان تعطي نفسك حقها من التقدير وكافئها بشيء جميل تحبه, وإن أخفقت لا تقسو على نفسك أبدا اخبر نفسك انك فعلت كل ما في وسعك ثم تعلم مما حدث وحاول من جديد

كن صادقا مع نفسك, قرر إذا كان ما تفعله يشعرك بالسعادة أم لا, إن لم يكن يجعلك سعيدا او يجعلك تشعر انك قليل الحيلة ومغلوب على أمرك كن شجاعا واتركه فورا حتى إن كنت تظن أنه سيجعلك سعيدا في المستقبل فأنت مخطئ

كن متسامحا ولا تتسرع في الحكم على نفسك او على الآخرين واعلم أننا جميعا نتصرف بما نراه صوابا حتى وإن أخطأنا فاجعل دائما في صدرك متسعا كي تسامح نفسك و تسامح الآخرين و تقبل أعذارهم 

اعلم جيدا أنك لست وحيدا في معاناتك مع الكمالية, كلنا في وقت او آخر من حياتنا نعاني من وهم الكمال ومن جلد الذات لأن هذا الوهم أكثر انتشارا مما تظن خاصة في زمننا الحالي لذلك كن لطيفا مع نفسك 

في أوقات الفشل وقلة الحيلة لا تظن أنك ناقص أو معيب, وايضا لا تتجاهل مشاعر الحزن والاحباط, كن صادقا مع نفسك واستوعب التجربة كاملة ولا تتخذ أي رد فعل مصدره عدم الأمان, خذ وقتك في التعافي ثم ابدأ من جديد 

لا تجعل المشاعر السلبية تسيطر على تفكيرك, تعلم فن الاعتراف بمشاعرك دون أن تسمح لها بدفعك لفعل شيء لا تريده 

تعلم فن الصبر الجميل, اعلم أن لكل شيء موعد وسبب ومهما فعلت فلن تجعل أي شيء يأتي في غير أوانه, فكن واقعيا وصبورا على نفسك كما لو كانت طفلا صغيرا يتعلم المشي ولا تطالبها بفعل الكثير في وقت قليل, ضع خططا منطقية ومعقولة يمكن الوصول إليها في مدى كافي من الزمن

تعلم أنه لا شيء مهم لهذه الدرجة التي تظنها, نحن من يعطي للأشياء أهميتها ونقرر إذا ما كان هذا الشيء مهم لنا أم لا, لذا إذا فاتك شيء تظن أنه مهم كن ممتنا لحقيقة أنك مازلت تتنفس وأنك مازال لديك الكثير من الوقت كي تحاول مرة أخرى, لا تعجز وخذ بكل الأسباب الممكنة واترك الباقي لله, إذا أخطأت فلا تظن أن هذه نهاية العالم, كرر لنفسك أن الأمر ليس مهما لهذا الحد و واصل حياتك

تصالح مع نفسك ومع عيوبك, تقبلها تماما كما تتقبل ميزاتك, لا تظن انك شخص سيء أو غير مؤهل لمجرد أن فيك بعض العيوب وبعض القصور البشري في مناطق معينة, كلنا نشترك في هذا والمطلوب أن يكمل بعضنا بعضا لا أن نحكم على أنفسنا او نطالبها بما لا تطيق

فقط اسعى كي تطور ذاتك و تحسن حياتك لكن من مكان حب لنفسك و رضا بحالك كما هو, اسعى لتكون الأفضل لأنك تستحق الأفضل ليس لأنك ناقص وتريد اكمال نفسك وإشباع غرورك

أهمية أن تكون لطيفا مع نفسك ليست تحسين طريقة تعاملك مع نفسك وزيادة رضاك عن حياتك فقط, لكن أيضا اللطف مع أنفسنا سوف يشجع الناس حولنا أن يعاملونا بلطف وتسامح, لأن الناس يعاملونا بنفس الطريقة التي نعامل بها أنفسنا.

👈للاشتراك في دروس تطوير الذات بالقرآن الكريم 👉

👈الاشتراك في قناة د. إبراهيم عبد الواحد👉

برجاء تقييمك للمقالة في قسم التعليقات👇

تطوير الذات بالقرآن الكريم (25) – حب الذات: كن لطيفا مع نفسك

4 أفكار بشأن “تطوير الذات بالقرآن الكريم (25) – حب الذات: كن لطيفا مع نفسك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تمرير للأعلى