تطوير الذات بالقرآن الكريم (20) – الذكاء أفضل أم الفعل؟ (الواجب العملي)

وقت القراءة: 7 دقائق

بعد قراءة هذا الدرس ستتعلم:

1/ لماذا الفعل أهم بكثير من الذكاء؟

2/ من ينجح في حياته أكثر الشخص المفكر أم الشخص الفاعل؟

3/ لماذا يفشل الكثير من المفكرين والمحللين؟

4/ لماذا يجب عليك الاحتكاك أكثر بمجتمعك وبمن يشبهونك في التفكير؟ 

5/ ما هو الواجب العملي للدرس الثالث؟

6/ كيف سيفيدك تحدي ال40 يوم استمرار على عادة إيجابية في حياتك؟

بسم الله نبدأ…

أيهما أفضل من وجهة نظرك, شخص يمتلك قدرا كبيرا من الذكاء و الألمعية لكنه كسول ولا يستغل ذكاءه في أي فعل مفيد, أم شخص يمتلك قدر متوسط او قليل من الذكاء لكنه دائم الأخذ بالأسباب ومستمر في تطوير ذاته ويقرن أحلامه بالفعل؟ 

بالتأكيد كلنا نحب أن نكون أذكياء حتى وإن لم نكن فاعلين, لكن الواقع يقول غير هذا لأن الحياة والعالم الذي نعيش فيه لا يقدر ولا يحترم إلا الشخص الفاعل المفيد لنفسه ولمجتمعه

الشخص العبقري الذي لا يستخدم ذكاءه في تقديم أي قيمة ملموسة لنفسه ولمجتمعه تجد ان المجتمع نفسه يلفظه ولا يعول عليه ويهتم أكثر بالشخص المفيد حتى و إن لم يمتلك قدرا كبيرا من الذكاء

بالطبع الأفضل من كل هذا هو الشخص الذكي و الفاعل في نفس الوقت, لكن إذا أردت تطوير شيء واحد فيك, بالتأكيد يجب عليك تطوير قدرتك على الفعل 

السبب أن الفعل أهم من الذكاء, لأن الفعل المستمر سيزيد ذكائك وخبرتك بمرور الأيام, لكن الذكاء الغير مستعمل والغير مقرون بعمل لن يلبث أن ينتهي ويندثر تحت ثقل الواقع وأعباء الحياة, الفعل هو الجسر الذي يربط بين أفكارك وبين الواقع, وهو المسؤول عن تحويل أفكارك إلى حقيقة بإذن الله

إذا أردت فعل شيء فقط افعله بأقل قدر ممكن من التفكير او حتى دون تفكير على الإطلاق إن استطعت, قد يبدو كلامي غريبا لكن مع التطبيق العملي  ستعرف أنه واقعي للغاية, و أن الفعل هو مدرسة الحياة وهو الطريقة الوحيدة للتعلم

إذا كنت من النوع الذي يأخذ وقتا طويلا في التفكير والتحليل كن على يقين أنك لن تفعل أي شيء مهم في حياتك, وستخسر كثيرا من وقتك وعمرك في محاولة تعلم ما لا يمكن تعلمه إلا بالفعل 

المفكرون والمحللون يعرفون كثيرا جدا, ذوو عقلية خاصة وذهن متقد وذكاء لامع, لكن للأسف أغلب المفكرين يجعلون من أفكارهم حملا ثقيلا عليهم يمنعهم من الأخذ بالأسباب والسعي, لأنهم يضعون لأنفسهم كثيرا من القواعد والضوابط المبالغ فيها التي تقيد حركتهم, وغالبا ما يقعون فريسة لوهم الكمال والخوف من الفشل

المفكرون والمحللون يعيشون في عقولهم أكثر مما يعيشون في العالم الواقعي لذلك تجدهم دائما منعزلين وغير اجتماعيين, العزلة في جوهرها شيء محمود لأنها تسمح لك بالتركيز أكثر على الفعل, لكن الانفصال عن الواقع هو أخطر شيء لأنك لن تستطيع أبدا ان تأخذ بالأسباب بطريقة سليمة إذا كنت منفصلا عن واقعك وعن البيئة التي تعيش فيها

الفعل هو الشيء الوحيد الذي يمكنك من خلاله التواصل مع واقعك و مع بيئتك, لأن الانسان الفاعل إنسان منسجم مع حركة الكون لأنه دائم السعي والأخذ بالأسباب, أما الانسان المفكر الذي لا يقرن أفكاره بالفعل او حتى لا يحاول نشر أفكاره فلن يصبح إنسان ذو قيمة أبدا مهما كان عبقريا

بالتأكيد يوجد العديد من المفكرين العظماء الذين غيروا وجه التاريخ, لكن إذا دققت النظر في حياتهم ستجد أنهم أخذوا بكل الأسباب لنشر أفكارهم وجعلها حقيقة تعيش وتثمر, وسعوا جاهدين طيلة أعمارهم لتقديم قيمة لأنفسهم ومجتمعاتهم, والدليل على ذلك أن أفكارهم و نتائج أفعالهم قد وصلت إليك الآن, لأنهم أخذوا خطوة وأخرجوا أفكارهم من عقولهم إلى العالم

لابد أن تفهم جيدا الواقع الذي تعيش فيه وكيف تسير الأمور من حولك, لماذا يفعل الناس ما يفعلون وما هي دوافعهم, انظر للسبب الخفي حاول استنباطه و الأخذ به

احتك أكثر بالناس من حولك, اختلط أكثر بمن هم في نفس مجالك و ذوو العقيلة المشابهة لعقليتك, الناس الذين يسيرون في نفس طريقك و يريدون نفس أهدافك ,تعلم منهم وتبادل الخبرات اجعلهم يعرفون قيمتك ولا تخشى السؤال وطلب العلم لأن مشاركة الأفكار تزيد من فهمك وتنتج المزيد من الأفكار الخلاقة

لا تخف من أذى الناس, بالطبع الاختلاط يمكن أن يسبب لك بعض المشاكل لكن هذا جزء أصيل من رحلتك وسوف يصقل شخصيتك ويزيدك قوة وحنكة

المهم ألا تقف في الحياة متفرجا, عبر عن ذكائك ولا تخشى الإفصاح عن أفكارك بطريقة عملية, بالتأكيد هناك أفعال عظيمة تريد إنجازها فلا تجعلها مجرد أمنيات بادر بالفعل وتوكل على الله

تحمل مسؤولية حياتك, حدد ماذا تريد, خذ بالأسباب, واصل السعي, تخلص من خوفك من الفشل واهتمامك المبالغ فيه بنظرة الناس لك, تخلص من وهم الكمال الذي يمنعك من أخذ أي خطوة واقعية, تعلم المخاطرة المحسوبة, ارفع استحقاقك بعملك الجاد وسعيك المستمر, تقبل قانون الجهد المهدور واستخدمه لصالحك, عبر عن نفسك و إقرن دائما أفكارك بالفعل وكن إنسانا فاعلا, ثم توكل على الله وبإذن الله لن يضيعك الله أبدا

الواجب العملي للدرس الثالث

(1)

في الدرس الثاني كان من ضمن الواجب العملي أن تمتنع عن فعل شيء ما لمدة 40 يوم متواصلين, و شرحنا بالتفصيل فائدة هذا التحدي والحكمة أن يكونوا متواصلين

الآن من ضمن الواجب العملي للدرس الثالث أن تستمر على فعل شيء إيجابي او عادة حميدة لمدة 40 يوم متواصلين, وذلك لكي تكتسب عادة الفعل والمبادرة وتصبح مكونا أساسيا من شخصيتك, و كي تتعلم معنى الإلتزام والمثابرة

دون المبادرة والإلتزام فلن تستطيع مواصلة الأخذ بالأسباب والاستمرار في السعي, سوف تيأس سريعا وتفقد الأمل بعد اول تحدي حقيقي, لن تقدر أبدا على اكمال ال 100 محاولة التي تحدثنا عنهم في قانون الجهد المهدور ولن تقدر على المخاطرة المحسوبة ولن تستحق أهدافك أبدا, ستظل دائما حبيس أفكارك ولن تظهر أحلامك للنور

اختر عادة إيجابية تحب أن تكون جزءا من حياتك اليومية و واظب على فعلها لمدة 40 يوم كي تدرب نفسك وعقلك على الفعل و تثبت لنفسك انك حقا إنسان فاعل وأنك جاد فعلا في سعيك بصورة عملية

اختيار هذه العادة تختلف من شخص لآخر, مثلا هناك شخص يريد اكتساب عادة القراءة أو ممارسة الرياضة لمدة 30 دقيقة يوميا, شخص آخر يريد ان يكتب ويعبر عن أفكاره على الورق او على وسائل التواصل الاجتماعي, او تطوير نفسك في مجال عملك, المهم ان تكون عادة مفيدة وتشعرك بالسعادة والفخر, تحديدها يعتمد كليا عليك لأنك تعرف جيدا ما هي العادة التي تريد فعلها منذ زمن لكنك تستمر في التأجيل والمماطلة

اختر شيئا بسيطا انت تعلم وتظن حقا أنه يمكنك الاستمرار في فعله لمدة 40 يوم متواصلين, لا تصعب الأمر على نفسك وتختار شيئا غير واقعي لن تستطيع المواظبة عليه, اعرف حدودك جيدا واعمل من خلالها, هذا دليل على صدق نيتك

وبعد انتهاء فترة ال 40 يوم بإذن الله, ستكون تلك العادة جزءا من شخصيتك وفعلها أصبح سهلا جدا عليك, ستجد أن دائرة تأثيرك قد اتسعت وأنك أصبحت واسع الحيلة وقادر على الفعل, و أصبحت لا تستسلم بسهولة أمام التحديات التي توضع أمامك و أكثر مرونة وثقة في نفسك

تحدي ال 40 يوم امتناع في الدرس الثاني سيفيدك جدا في إكمال هذا التحدي الجديد, لأنك في التحدي السابق قد أثبتت لنفسك عمليا أنك سيد نفسك وأنك المتحكم الأوحد في قرارك, و قدرت بالفعل على إكمال تحدي سابق وسوف تقدر بإذن الله على إكمال هذا التحدي الجديد

بعد انتهاء فترة التحدي, انت غير مطالب بالاستمرار على فعل هذه العادة يوميا, لكن من المهم ألا تتركها, واظب على فعلها بوتيرة أقل مرة أو مرتين كل أسبوع أو حسب رغبتك 

(2)

ستجلس مع نفسك بعض الوقت, وتقرر ماذا تفعل كي تطور من وضعك المهني والمالي, إذا لم يكن لديك وظيفة حدد ما الوظيفة المناسبة لك, إذا كانت هذه الوظيفة تحتاج لإكمال تعليمك أو الحصول على شهادات معينة اسعى للحصول على تلك الشهادات وهذا التعليم

إذا ان لديك وظيفة بالفعل قرر ما إذا تريد الاستمرار فيها أم لا, إذا كنت تنوي الاستمرار قرر كيف تطور من أدائك وترفع مستوى إنتاجيتك كما أسلفنا كي تكسب ثقة رؤسائك في العمل, وإن كنت لا تنوي الاستمرار اسعى للحصول على وظيفة جديدة تناسبك وتجد فيها نفسك 

إذا كان هدفك امتلاك شركتك الخاصة بادر بالأخذ بالأسباب, لابد ان تبدأ عملك الخاص في شيء انت على دراية جيدة بكيفية إدارته, وإن كنت لا تمتلك الخبرة الكافية ابدأ في التعلم وسؤال أهل الخبرة وتطبيق ما تعلمته

إذا لم تكن فكرة العمل متاحة لك من الاساس, قم بإكمال تعليمك الجامعي او اذهب لأماكن التدريب المعتمدة وتعلم مهارة أو لغة او حتى تعلم عن بعد

لابد أن تعطي نفسك هذا الوقت الذي تتأمل فيه في حياتك وتحدد ماذا تريد حقا, قرر ماذا ستفعل كي تكون انسانا منتجا ذو قيمة وتبدأ بإذن الله وحوله في الأخذ بالأسباب

واحذر الوقوع في فخ التعقيدات الذي هو من وسوسة الشيطان, لا أقول لك أنه يجب عليك تحديد هدفا ساميا ورسالة عظمى لحياتك, او عليك ان تضع خطة 20 او 10 او 5 سنوات وتسير على هذه الخطة بحذافيرها, ليس عليك فعل هذا أبدا

كل ما أقوله لك ان تبدأ الأن بالأخذ بأقل سبب في استطاعتك في اتجاه تطوير ذاتك وتحسين حياتك, وسيكون حفظ القرآن أفضل معين لك في تحديد ومعرفة هذا الاتجاه بإذن الله

(3)

لأن جميع دروس تطوير الذات بالقرآن الكريم مترابطة فيجب الاستمرار على فعل الواجب العملي للدروس السابقة بالإضافة لواجب الدرس الثالث:

  1. المحافظة على قراءة الورد اليومي من القرآن الكريم
  1. الاستمرار في حفظ سورة البقرة ومراجعة ما حفظته في صلواتك
  1. اكمال تحدي ال 40 يوم امتناع (إذا لم تكن أنهيته بعد)
  1. المراجعة على العادات والأفكار والرغبات التي كتبتها مرة كل أسبوع
  1. قطع العلاقات بالناس السلبيين والاختلاط أكثر بالناس الإيجابيين
  1. متابعة صفحات وقنوات مفيدة على مواقع التواصل الاجتماعي ومغادرة الصفحات والقنوات الغير مفيدة
  1. الاهتمام بتنظيم وتنظيف غرفتك والمكان الذي تعيش فيه.

👈للاشتراك في دروس تطوير الذات بالقرآن الكريم 👉

👈الاشتراك في قناة د. إبراهيم عبد الواحد👉

برجاء تقييمك للمقالة في قسم التعليقات👇

تطوير الذات بالقرآن الكريم (20) – الذكاء أفضل أم الفعل؟ (الواجب العملي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تمرير للأعلى