تطوير الذات بالقرآن الكريم (5) – خذ الكتاب بقوة

بعد قراءتك هذا الدرس ستتعلم:

1/ ماذا يحدث لعقلك اثناء قراءة القرآن؟

2/ المعنى الحقيقي لكلمة (العيش بالقرآن)

3/ كيف يساعدك حفظ القرآن على التخلص من العادات الغير مرغوبة؟

4/ متى تشعر حقا بحلاوة حفظك للقرآن؟

5/ الطريقة المثالية والسهلة للبدء في حفظ سورة البقرة

6/ ماهي المدة المناسبة لإتمام حفظك سورة البقرة؟

7/ كيف يمكن لشخص غير محافظ على الصلوات ان يبدأ حفظ القرآن؟

بسم الله نبدأ…

تخيل معي الآن انك بدأت بالفعل في حفظ سورة البقرة وأتممت حفظها بفضل الله, ماذا سوف يحدث داخل عقلك؟

اولا دعنا نحلل شكل عقلك قبل حفظك للقرآن, مثل معظم الناس لابد ان يكون عقلك مليئ بالذكريات المزعجة التي تلح عليك وتفسد عليك لذة عيش الحاضر

او يكون عقلك دائم التفكير والقلق حول المستقبل ومحاولة تحليل الماضي وأخذ الاحتياطات لكل شيء متوقع حدوثه او حتى مستحيل حدوثه

دائم الانشغال والاهتمام باشياء ثانوية او حتى غير مهمة على الإطلاق

وكلما حاولت تهدئة عقلك النشيط هذا كلما باءت محاولاتك بالفشل الذريع, لذلك اغلب الناس يلجأون لوسائل غير مفيدة لتهدئة عقولهم مثل الانغماس في مشاهدة الميديا بكل انواعها او ادمان مواقع التواصل الاجتماعي والانترنت, وللاسف بعض هذه الوسائل غير مشروعة و مدمرة للنفس 

الآن ماذا تتوقع ان يحدث لعقلك عندما تبدأ في زرع كلام الله داخله؟ 

سيتم فتح جزء جديد داخل عقلك, جزء يشع نور وبركة, وكلما زادت عدد الآيات التي حفظتها وراجعت عليها كلما زاد هذا النور وتلك البركة

الآن نعود إلى التخيل, تخيل ان هذا الجزء سيظل يكبر مع الأيام ويستمر النور في الإشعاع, و بعد فترة تفتح جزء جديد يحتوى على سورة أخرى, وهذا الجزء الجديد يبدأ في إشعاع نور جديد بدوره, وهكذا 

ماذا تتوقع ان يكون شكل عقلك الآن؟

هناك قانون مهم جدا في علم تطوير الذات و تغيير النفس, أنه “لا يمكنك ابدا ازالة الظلام, لكن يمكنك اشعال النور وسيذهب الظلام من تلقاء نفسه”

لذا عندما يستنير عقلك بكلام الله عز وجل, سيبدأ ذهنك بتدبر الآيات وفهم معانيها واستخلاص التجليات الخاصة بك والبحث عن معنى آية لا تفهمها, وهنا ستجد نفسك تلقائيا تطبق هذه التجليات في حياتك, لأنك صرت واعيا بها 

وعند تطبيقها ورؤية أثرها العظيم في تحسين حياتك و إراحة بالك, سينتقل هذا النور إلى قلبك, ستجد نفسك أحببت القرآن وستشعر فعلا بحلاوته وجمال آياته, ستجد نفسك صرت حريصا على سماع القرآن والاستمتاع به

و عندما يقع قلبك في حب الآيات, سيبدأ قلبك بضخ هذا الحب إلى جميع خلايا جسدك, و بعد فترة قصيرة سيكون جسدك كله مستنير بنور كلام الله

عندئذ, حياتك بالكامل سوف تتغير بإذن الله, لأن خلاياك كلها الآن أصبحت تشع هذا النور, وسينتقل هذا النور إلى جميع جوانب حياتك ويؤثر ايجابيا على نظرتك لنفسك و على كل تعاملاتك مع من حولك

وكلما استزدت من نور القرآن, كلما زادك القرآن نور, لأن بركة وروعة القرآن لا تنتهي وليس لها حدود إلا الحدود التي تضعها انت لنفسك

هذا هو المعنى الحقيقي للعيش بالقرآن, ان تسمح لعقلك وقلبك وبدنك ان يستنير بنور القرآن, ثم ينتقل هذا النور إلى حياتك

أهم شيء هو انك اولا لابد ان “تسمح” بدخول القرآن إلى حياتك

معظم الناس للأسف يظنون ان دخول القرآن حياتهم سوف يمنعهم من متع دنيوية كثيرة اعتادوا عليها واحبوها, ويعتبرون تلاوة وحفظ القرآن او حتى سماع القرآن واجب ثقيل عليهم لأنهم يظنون أنه يحرمهم من المتعة وقضاء وقت جيد

إذا كنت تفكر بهذه الطريقة لا تلوم نفسك, ولا تجلد ذاتك, ولا تيأس وتظن أنه لا يوجد سبيل لدخول القرآن حياتك

 يكفيك ان تنوي نية صادقة “انا اسمح للقرآن بدخول عقلي وحياتي, لأني مقتنع ومؤمن ان كلام الله حتما سيساعدني على عيش حياة سعيدة” 

وبعد ان تنوي هذه النية, لا تلتفت لتلك الأفكار السلبية ان القرآن سوف يسلبك المتعة, لكن ابدأ في حفظ ما تيسر لك من سورة البقرة, و استمر على حياتك الاعتيادية 

انت غير مطالب ابدا بتغيير أسلوب حياتك, ولا مطالب بالتخلص من جميع عاداتك السيئة, ولا ان تكون إنسان مثالي لأنك تحفظ القرآن

هذا ظن خاطئ تماما, وهو من ابواب النفس الأمارة بالسوء, وهذا الظن هو أكبر سبب يمنع الناس و يحرمهم من أي فرصة للتغيير الحقيقي و الايجابي, لأنه يظن أنه لابد ان يغير كل حياته الآن ولابد ان يكون مثاليا في كل شيء والا سيصبح التغيير لا قيمة له, مما يدفعه لليأس والخمول والاستسلام مع اول تحدي حقيقي والعودة لنقطة الصفر مرة اخرى بل واحيانا لما تحت الصفر

وللاسف هذا الظن مسؤول عن تغذيته معظم مدربين ال Motivation الحاليين, لأنهم دائما ما يحرصون على بيع هذا النموذج المثالي وتسويقه لك, فتعتقد انك إذا لم تتشبه بهذا النموذج المثالي فأنت إنسان فاشل او ناقص 

لكني الآن أقول لك أنه لا ينبغي عليك ان تكون مثالي ولا ان تتخلص من كل العادات السلبية الآن وليس عليك ابدا ان تتقن كل شيء

كل ماهو مطلوب منك هو ان تبدأ بأقل خطوة ممكنة في الطريق الصحيح وتدع الباقي لله

وهذه الخطوة هي: 1) المحافظة على ورد يومي من القرآن ولو صفحة

2) البدء في حفظ سورة البقرة و لو ثلاث آيات كل يوم

والخبر الجيد هنا, أنه بمجرد بدئك بتنفيذ تلك الخطوات القليلة,مع الوقت ستجد إرادتك ازدادت قوة وصرت أكثر تحكما في نفسك, و عاداتك الغير مرغوبة التي تحاول التخلص منها منذ سنوات أصبحت غير ذات سلطة عليك و بكل سهولة تستطيع تركها الآن إذا أردت, واجمل شيء انك ستفعل ذلك بكل سهولة وتلقائية دون ادنى مقاومة 

تذكر ان اشعال النور هو فقط الذي سيزيل الظلام

إذا كنت متفرغا لحفظ القرآن وأخذت الكتاب بقوة, سيمكنك اتمام حفظ سورة البقرة كاملة في ثلاثة اشهر كحد أقصى بإذن الله

اما إذا كنت مشغولا في عملك وحياتك العائلية كمعظم الناس, فحفظ سورة البقرة كاملة ممكن ان يمتد معك إلى ستة شهور او أكثر قليلا

و من عوامل الحفظ الجيد والسريع هو سماع وقراءة تفسير الآيات على يد أحد من المفسرين, وانصحك هنا بسماع خواطر الشيخ الشعراوي رحمه الله حول سورة البقرة وقراءة تفسير ابن كثير

إذا لم تشغل عقلك بالقرآن فلن تستطيع حفظه, ومن مظاهر الانشغال بالقرآن هو السعي وراء فهم معاني الألفاظ و سماع خواطر المفسرين

لمشاهدة فيديو الدرس الأول كامل من هنا

الآن ماهي الطريقة السهلة لحفظ القرآن؟

يمكنك البدء الآن في حفظ سورة البقرة, افتح اول صفحة في السورة وابدأ الحفظ, اول تحتوى على خمس آيات, حفظهم لن يأخذ منك أكثر من عشر دقائق

وفي اليوم التالي راجع على الآيات التي حفظتها جيدا, تلاوة متأنية وليست سريعة واحرص على مخارج الألفاظ الواضحة لأن هذا سيساعدك على اتقان الحفظ والتذكر فيما بعد عند استرجاع الآيات

لمعرفة مخارج الألفاظ الصحيحة, يمكنك سماع أي تلاوة لسورة البقرة لأحد من القراء المعروفين, وتعلم كيف تنطق الآية بصورة صحيحة وبأسلوب متأني 

ثم ابدأ في الصفحة الثانية, احفظ اربع او خمس آيات جيدا, وفي اليوم التالي راجع على كل الآيات التي حفظتها من اول السورة, ثم ابدأ في حفظ الآيات المتبقية من الصفحة الثانية, وفي اليوم الذي يليه راجع أيضا على كل ما حفظته من اول السورة

ثم بعد فترة ستجد ان اول صفحة قد أصبحت سهلة جدا عليك ولن تضطر لمراجعتها بعد ذلك إلا اثناء المراجعة الاسبوعية, وبعد فترة أيضا ستجد ان الصفحة الثانية أصبحت سهلة عليك وهكذا

المفتاح هنا هو الاستمرار والتكرار

قراءة ما حفظته اثناء صلواتك الخمس المفروضة من أفضل طرق المراجعة والتذكر لأنك في الصلاة ستقرأ بصورة غيبية ستجبر عقلك على تذكر الآيات ومواقعها في الصفحات وعلاقتها بالآيات الأخرى 

الآن يمكن ان يتبادر سؤال مهم إلى ذهنك, وهو إذا كنت ممن لا يحافظون على الصلوات او ممن لا يصلون على الإطلاق كيف سأحفظ القرآن وانا اصلا لا اصلي و أجد صعوبة في المداومة على الصلاة؟

طبعا المحافظة على الصلاة فرض اهم من حفظ القرآن, ليس في هذا شك

 و نصيحتي لك ان تبدأ في الصلاة الآن و تداوم عليها, وفي دروس لاحقة سنغطي هذه المسألة جيدا بإذن الله

و بالنسبة لحفظ القرآن, اعلم ان حفظ القرآن سيساعدك في الحفاظ على الصلوات

إذا كنت ممن يقطعون في الصلوات, بمعني انك تصلي في اليوم فرض او فرضين ولا تستطيع حمل نفسك على اتيان كل الفروض, حفظ القرآن سيشجعك على اكمال باقي الفروض

و إذا كنت ممن لا يصلون اطلاقا, حفظ القرآن أيضا سيساعدك ويقويك على نفسك ويجعلك تبدأ في الصلاة بكل سهولة

 عندما تحفظ ما تيسر لك من القرآن ستشعر ان الصلاة شيء سهل جدا عليك و لن تجد أي صعوبة في الذهاب للوضوء ثم الذهاب للصلاة عند سماع المؤذن

إذا كنت تجد صعوبة في المحافظة على الصلاة, حفظ القرآن سيقويك

إذا كنت تجد صعوبة في مسك لسانك عن الخوض في اعراض الناس, حفظ القرآن سيجعلك خاشعا لله

إذا كنت تجد صعوبة في التصدق وبذل المال, حفظ القرآن سيشجعك

إذا كنت تجد صعوبة في الاخذ بالأسباب للوصول لهدفك, حفظ القرآن سيدفعك دفعا

حفظ القرآن هو بوابتك للحياة الهادئة الممتعة في طاعة الله

إذا كنت ترغب فعلا في هذه الحياة, فابدأ الآن إن كنت صادقا

القرآن يناديك.

الواجب العملي

1- المحافظة على ورد يومي من القرآن

2- البدء في حفظ سورة البقرة

👈للاشتراك في دروس تطوير الذات بالقرآن الكريم 👉

👈الاشتراك في قناة د. إبراهيم عبد الواحد👉

برجاء تقييمك للمقالة في قسم التعليقات👇

Comments

    1. Post
      Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *